العيب فينا وعندنا

بقلم: 

ألا يخجل العرب، غالبية العرب ، أنظمة وحكاماً ووزراء خارجية ، ومن لف لفهم ، ومن شاركهم السياسة والعضوية والمسؤولية في عواصمنا، التي تأكل بعضها بعضاً بعد أن طحنت شعوبها بالقهر والجوع وفقدان الكرامة ، ألا يخجلون مما تصنعه أوروبا مع قادة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي، وضد فاشيته وعنصريته وما تتخذه من مواقف علنية مع الشعب العربي الفلسطيني ، المعذب المهان الموجوع المقهور، وضد إحتلال أرضه وتدنيس مقدساته الإسلامية والمسيحية ، ألا يخجل وزراء الخارجية العرب، إن لم يكن أكثريتهم أو بعضهم مما يفعله الأوروبيين ، ويخجلون من فعل الإسرائيليين في نفس الوقت ؟؟ .

الأوروبيون يقاطعون إنتاج المستعمرات - المستوطنات الإسرائيلية على أرض الفلسطينيين ويتخذون قرارات قانونية وإجرائية وإدارية ضد إنتاج مستوطنات العدو الإسرائيلي المحتل ، ويرفضون قرارات حكومة المستوطنين الإستعمارية التوسعية الاحتلالية بضم أراضي الضفة الفلسطينية ، بما فيها القدس لخريطة إسرائيل التوسعية التي مازالت بلا حدود ؟؟ .

مارغوت وولستروم وزيرة خارجية السويد ، وهي غير عربية وغير مسلمة ، يتهمها نتنياهو بالعمى لأنها ترى بعينها المفتوحة فقط معاناة الفلسطينيين ووجعهم وعدد ضحاياهم الذين سقطوا منذ بداية إنتفاضة أكتوبر الشبابية حتى يومنا المشهود هذا ، وهي تواصل الأصرار أمام البرلمان السويدي على عدم التكافؤ بين بطش الجلاد وعذابات الضحية .

ووزير خارجية بلجيكا ديدييه ريندرز ألغى زيارته لفلسطين رداً على قرار نتنياهو تعليق مشاورات حكومة المستوطنين المستعمرين العنصرية التوسعية ، مع الاتحاد الأوروبي بخصوص المساهمة الأوروبية وجهودها نحو العمل للتوصل إلى تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإنهاء الإحتلال لفلسطين ، وعلق الوزير البلجيكي وهو بالمناسبة غير عربي وغير مسلم ، علق على القرار الإسرائيلي المسبق بقوله : أن القرار يؤثر على مضمون المحادثات مع الإسرائيليين مما جعل زياراته بلا جدوى وبلا فائدة ، ولذلك ألغى حضوره لفلسطين .

أما وزير العلوم النمساوي رينهولد ميترلينير ، فقد ألغى زيارته لفلسطين لأن نده الإسرائيلي أوفير أكونيس أصر على أن يتم اللقاء بينهما في مكتبه ، ومكتبه قائم في حي الشيخ جراح المقدسي في الجانب الشرقي من مدينة القدس العربية الفلسطينية المحتلة ، فالوزير النمساوي يرفض زيارة القدس الشرقية لأنها محتلة ، ويرفض إعتبارها جزءاً من أرض “ إسرائيل “ وعاصمة موحدة للمشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي .

ألا يخجل وزراء الخارجية العرب ، أو بعضهم ، من سياسات بلادهم حينما يسمعون ويشاهدون شجاعة الوزراء الأوروبيين مارغوت وولستروم السويدية ، وديدييه ريندرز البلجيكي ،  ورينهولد ميترلينير النمساوي ، وهم غير عرب وغير مسلمين ، كيف يتصرفون مع الإسرائيليين إحتراماً لأنفسهم وإحتراماً لمعاناة الفلسطينيين ، وبعض حكوماتنا العربية تواصل لقاءاتها مع القيادات الإسرئيلية السياسية والعسكرية والاستخبارية ، بعضهم علناً في أميركا وأوروبا وبعضهم سراً في الخليج أو تركيا ، أو في أي مكان وسيط ، ويفتحون مكاتب جديدة لتل أبيب في بلادهم ، ويحافظون على سفارات المشروع التوسعي الإسرائيلي في بلدانهم بلا أي وازع من ضمير .

نخجل من الأوروبيين إحتراماً لهم ، لضمائرهم النقية ، وحسهم الانساني المسؤول ، ورفضهم للظلم الواقع على الشعب العربي الفلسطيني ، الذي يناضل وحده بإمكانات متواضعة وأسلحة بدائية ، في مواجهة العدو الوطني والقومي والديني  المتفوق ، ونخجل من الوزراء والحكومات والمسؤولين العرب ، الذين يواصلون خيار التعامل مع العدو الإسرائيلي ، بل والشراكة معه أمنياً وعسكرياً وسياسياً وإقتصادياً ، في مواجهة خصوم محليين أو معارضين محتملين .

ونخجل من دماء الفلسطينيين ومن عائلات الشهداء ، ومن الشباب والشابات ، الذين يواصلون العطاء والتضحية والشجاعة والإيمان وعدم اليأس ، مفعمين بالأمل والثقة أن المستقبل لهم رغم أنهم 

حدهم في الميدان في معركة متواصلة غير متكافئة ، على طريق تحرير بلدهم وإستعادة حقوقهم الثلاثة الكاملة غير المنقوصة في المساواة والإستقلال والعودة .
نخجل ونخجل ونخجل ولكن إلى متى ؟؟ .