في الهجوم على يوسف زيدان..اخرجوا داعش من رؤوسكم أولًا

بقلم: 

تعج وسائل الاعلام بالهجوم على الدكتور يوسف زيدان ، الروائي المصري المعروف

على تصريحاته الأخيرة بشأن المسجد الأقصى وصبرا وشاتيلا والاسراء والمعراج.

ولن أخوض بأي تفصيل او تبرير او توضيح . فزيدان عبر عما يعتقد ويفكر في لقاء تلفزيوني يزيل او يؤكد كل ما قاله .

المشكلة المستمرة هي حالة الفرقعة التي نعيش فيها والتي نصر ان يكون الجهل هو صومعة فكرنا الذي يرفض الحراك من التصلب كأنه مصبوب في كتل اسمنتية.

المشكلة الاكبر بأننا لا نتعلم من دروس الامس ، وظلمنا الجماعي لهكذا شخصيات يجب ان تقدر ويرفع من شأنها والفخر بها ، والاكثر بناء تماثيل لها بدلا من تلك الاصنام المتحجرة بداخلنا. فلم ننس بعد ظلمنا لنصر ابو زيد وفرج فودة ونجيب محفوظ وغيرهم الكثيرون الذين ظلموا تحت وطأة الجهل وهرعنا جميعا للصياح المدوي وراءهم .

في السابق لم تكن وسائل الاعلام موجودة بكثافة اليوم. كان من السهل اقتطاع الكلام واخذه من سياقه . كان من الصعب الرجوع الى مصادر الكلام واصل الحوار المختلف عليه . وكنا كلنا فريسة لرأي ما تصدر عناوين الاعلام وصدقناه.

اما اليوم .فلا يوجد اي داع لان نستمر في هذه المأساة من التجهيل المبرمج.

كلام الدكتور يوسف زيدان واضح وصريح ، ويحتمل الاتفاق والاختلاف معه . ما حاوله الرجل ولا يزال طرح فكرة خرجت بعد الكثير الكثير من الدراسة . فنحن لا نتكلم هنا عن رجل هاو ولا عن رجل يقلب بين صفحات قصة هنا وراواية هناك. نحن نتكلم عن رجل قدم للأدب العربي الحديث ما لم يقدمه احد في هذه العقود الاخيرة . رجوعه التاريخي وتنقيبه بالمخطوطات والوثائق لا يستهان به ولا يوجد من ينافسه او يقترب من فيه.

لا اريد الدخول في موضع الدفاع عن الرجل. اولا ، معرفتي به معرفة القاريء الذي احب بعض كتاباته واعتز بها مثل في ظل الافعي. وهناك من كتاباته ما لم افهمه ولم استوعبه لغزارة المعلومات التي لم استطع التركيز فيها مثل عزازيل ، على الرغم من ان هذا الكتاب تم اهداءه لي من اصدقاء مختلفين اكثر من ٣ مرات . في كل مره كان يصر من اهداني الكتاب، بأن هذا كتاب يجب ان اقرأه لما يحاكي من تساؤلات وافكار عندي.

وقد اختلف مع د زيدان بطرحه بمسألة الاقصى في هذا التوقيت الصعب جدا . ولكن هذا لا يعني بأن الرجل اجرم وانه كفر وانه تصهين وانه اعلن الاصطفاف مع العدو.

ولكن بغض النظر عن التفاصيل . فان رجلا كيوسف زيدان عندما يتكلم ، فهو لا يهذي ولا يتناول الكلام من اجل اللغو. قد نختلف معه ومع ما قاله وقد يكون مخطيء او مصيب.

ولكن ليس من حق احد تكفيره او الهجوم عليه او اعلان حل دمه بالمطلق.

نحن نعيش زمن.. ندعي فيه اننا نريد كعرب وكمسلمين محاربة التطرف القادم بهيئة داعش.

لماذا نصر على محاربة الفكر بالتكفير دائما .. ثم نخرج ونلعن داعش.

ما الفرق بين داعش واخوانها وبين كل من خرج ليهلل بتكفير زيدان ومن زاد على ادعاء الصحفي والشيخ الذي هرول في اصدار فتوى .

ولنقل انه وفي اسوأ الاحوال ، قد اخطأ زيدان في ما استنتج وفيما قال . هل نحاربه ام نرد عليه؟

لماذا لا يحتمل فكرنا اي اختلاف او انتقاد؟

ماذا لو انه كان مصيبا في طرحه؟ ما الذي يغيره طرحه من الواقع ؟

اذا ما كانت الاقصى هي الاقصى المقصودة في القرآن ام لم تكن ؟ هل هذا يبرر لاسرائيل افعالها الهمجية والاجرامية؟

هل هذا يغير من حقنا التاريخي والحقيقي على هذه الارض كفلسطينيين؟

الحقيقة هي بما نحن عليه اليوم.

حقيقة المسجد الاقصى الاكبر والاهم هي في وجوده الحالي الذي امتد الى ١٤ قرن سابق. لا يهم لماذا وعلى ماذا. ما يهم وجوده واتساقه الروحي والوجودي مع المكان واهل المكان والانسان المسلم.

لماذا نصر دائما على تقديس غير المقدس . وتثبيت الاسطورة على الواقع ؟

كنت اتمنى ولا ازال ، على كل من خرج وراء مانشيتات الصحف وعناوينها في القبض على عنق الرجل ان يستمع كاملا للرجل. من يريد ان يرد عليه فليقرأ ما كتب وما قاله في محاضراته الكثيرة المتداولة.

لم نبرأ بعد ولن نبرأ من ذنبنا في فرج فودة ونصر ابو زيد طالما اننا لا نزال تحت نفس العبودية لاقوال سفهاء لا يرقون الى درجة النقاش حتى مع شخص كيوسف زيدان

كفاكم جهلا …

وارجعوا الى التاريخ وتعلموا …

وفي هذه المناسبة ارجعوا ليوسف زيدان وتثقفوا وافهموا … وان اختلفتم معه ولم يعجبكم ناقشوه حاوروه اسألوه… لا تكفروه ولا تحلوا دمه …

نحن بحاجة لامثاله ولو اختلفنا معه … فلا تقتلوا الامل فينا في تغيير نصبوا اليه في وسط الوحل الذي يزج فينا الى اعماق الهاوية.