محطة كفاحية

بقلم: 

يؤكد وزراء حكومة المستوطنين ، حكومة نتنياهو الاسرائيلية الاستعمارية المتطرفة ، يؤكدون غياب شريك فلسطيني يمكن التفاهم معه ، والتوصل الى اتفاق يُنهي الصراع التاريخي المحتدم بين المشروعين ، المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي .
نتنياهو ووزراؤه محقون في قراءاتهم لمواقف وسياسات شريحة الحضور الفلسطيني على المستوى القيادي ، وهم لا يعرفون أنهم بهذه القراءة السلبية للقيادة الفلسطينية يوفرون الطمأنينة للشعب العربي الفلسطيني في تأكيد الغياب لمثل هذا الشريك لدى الجانب الفلسطيني ، فقد سبق للعدو الاسرائيلي أن توفر له شريكان فلسطينيان أولهما الرئيس الراحل ياسر عرفات وكان الشريك الشجاع الاقوى ، فوقع معهم اتفاق أوسلو التدريجي المتعدد المراحل عام 1993 ، بما يحمل من مضامين ايجابية وسلبية لصالح الشعب الفلسطيني ، ومن تقييم خلافي بين صفوف الفلسطينيين لمضمون هذا الاتفاق بما يتفق أو يتعارض مع حقوق الشعب الفلسطيني الكاملة وتطلعاته لاستعادتها .
وثاني الشريكين الرئيس محمود عباس الذي لم يستطع على الرغم من سياسته الواقعية الزائدة عن الحد ، ورفضه العلني للعمل المسلح وتمسكه في محاولات عديدة للتوصل الى اتفاق مع الاسرائيليين ولكنه لم يجد لديهم ما يسد الرمق ويساعده على مواصلة التمسك بسياسته المعلنة المنحازة لاتفاق الحد الادنى الفلسطيني ، ومع هذا رفضوا التجاوب معه ، حتى ضاق به المكان وضاق معه أُفق الزمان على مواصلة التجريب وطول البال بدون فائدة مجدية فوصل الى خلاصة ما قاله أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 30/9/2015 :
" نعلن أنه ما دامت اسرائيل ترفض تنفيذ الالتزامات التي ترتبت عليها من الاتفاقات الموقعة ، والتي تجعل منا سُلطة دون سُلطة ، وما دامت اسرائيل تُصر على الاستمرار في النشاطات الاستيطانية ورفض الافراج عن الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو ، استناداً للاتفاقات ، فانهم لا يتركون أمامنا خياراً سوى الاعلان بأنه لن يكون بامكاننا أن نكون الطرف الوحيد الذي يلتزم بتنفيذ الاتفاقات ، فيما تستمر اسرائيل في التنكر لها ، وعليه فإننا نُعلن أنه لا يمكننا أن نستمر في الالتزام بهذه الاتفاقات ، وأن على الحكومة الاسرائيلية تحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال ، لأن الوضع القائم لا يمكن قبوله أو استمراره ، وذلك تنفيذاً لقرارات المجلس المركزي الفلسطيني في شهر أذار 2015 المُحددة والملزمة " .
وتوجهات الرئيس الفلسطيني ، استندت الى قرارات المجلس المركزي الفلسطيني في  دورة انعقاده يوم 5/3/2015 ، والتي نصت :
" في ضوء مواصلة الاستيطان غير الشرعي ، ورفض اسرائيل ترسيم حدود الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967  ، وتنكرها لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة ، اضافة الى رفضها الافراج عن الاسرى ، وحجز وقرصنة أموال الشعب الفلسطيني وتصعيد الاغتيالات والاقتحامات واستمرار حصار قطاع غزة ، وتأكيداً لقرار المجلس المركزي السابق بوجوب تحديد العلاقة مع اسرائيل ، ومتابعة انضمام دولة فلسطين للمؤسسات والمواثيق الدولية وتعزيز علاقاتنا العربية والدولية وبما يشمل الحصول على اعتراف الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية ، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ، وتطبيق ميثاق جنيف الرابع لعام 1949 على أراضي دولة فلسطين المحتلة ، فان المجلس المركزي يقرر ما يلي :
1- تحميل سُلطة الاحتلال ( اسرائيل ) مسؤولياتها كافة تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة ، كسلطة احتلال وفقاً للقانون الدولي .
2- وقف التنسيق الامني بأشكاله كافة مع سُلطة الاحتلال الاسرائيلي في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين “ .
لقد طمأن نتنياهو الشعب الفلسطيني ، بدون أن يقصد ، وبدون أن يرغب ، عن غياب الشريك الفلسطيني القادر على الرضوخ والخنوع نحو قبول تسوية مهينة مستسلمة لمصالح العدو الاسرائيلي ، وتقبل شروطه في تهويد القدس العربية الفلسطينية الاسلامية المسيحية وأسرلتها ، وعزلها عن باقي الاراضي المحتلة ، واقتطاع الغور عن الضفة الفلسطينية ، مع المناطق الواقعة غرب الجدار العنصري وخلفه ليكونا امتداداً لمناطق الاحتلال الاولى عام 1948 ، وتكون الاراضي الفلسطينية الواقعة بين الجدارين الغربي والشرقي بدون القدس وبدون الغور ، مع قطاع غزة دولة فلسطين العظمى ، هذا هو سقف التنازل الاسرائيلي فأي شريك فلسطيني يمكن أن يقبل بهذه الشراكة وبهذه التسوية التي لا يستطيع أي مسؤول فلسطيني قبول تسوية على أساسها وحتى ولو كانت انتقالية لأنه يعرف أنها ستتحول الى تسوية نهائية ودائمة لن يتزحزح عنها جيش الاحتلال برضاه على قاعدة حل الدولتين على أرض فلسطين ، مثلما سبق وأن رفض الرئيس عرفات لتسوية أوسع وأفضل من هذه التسوية المعروضة من قبل الاسرائيليين ، حيث رفض أي مساس بقضيتين هما القدس واللاجئين ، والقدس هنا تتضمن المسجد الاقصى ، واللاجئين تتضمن حقهم في العودة واستعادة ممتلكاتهم المصادرة المنهوبة .
وعليه يمكن الاستخلاص أن الحال من بعضه ، فاذا لم يجد الاسرائيلي شريكاً فلسطينياً له  ومعه ، فالفلسطيني أيضاً لم يجد شريكاً اسرائيلياً يقبل بتسوية تاريخية تتضمن :
أولاً : الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الضفة والقدس والقطاع .
وثانياً : عودة اللاجئين الى المدن والقرى التي طردوا منها ، الى اللد ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع ، واستعادة ممتلكاتتهم فيها ومنها وعليها ، ولهذا سيبقى الصراع محتدماً مكشوفاً متواصلاً حتى تتغير موازين القوى على الارض ، وفي الميدان ، بين المشروعين ، بين الشعبين ، بين الرواتين ، صراع مفتوح نحو المستقبل ، بين الفلسطينيين والاسرائيليين ، وما ثورة السكاكين سوى محطة من محطاتها المتقطعة المتصلة والمستدامة ، والحديث عن عودة المفاوضات ، مجرد عبث ومضيعة للوقت وهدر للتضحيات وسوء ادارة لمن يقبل بها ، وضعف ثقة بقدرات الشعب الفلسطيني الذي أثبت تفوقه في الانتفاضتين الاولى والثانية ، رغم تفوق قدرات العدو وحجم امكاناته .