معركة كسر عظم

بقلم: 

ما يشهده الحرم القدسي الشريف ومحيطه وما يتصل به وتداعياته ، معركة كسر عظم فلسطينية إسرائيلية ، لن تتوقف إلا بهزيمة أحد طرفي الصراع ، والصراع يدور على قدسية المكان ولمن تؤول السيادة المدنية الدينية الفعلية فيه وعليه : 1- لأصحابه الذين أقر لهم الأحتلال عبر البواية الأردنية منذ عام 1967 ، حرية العبادة والتنظيم والتوظيف ، بإعتباره مسجداً تقتصر الشعائر فيه على المسلمين  وللمسلمين فقط ، بإعتباره مسجداً إسلامياً أسوة بالكنيسة للمسيحيين وبالكنيس لليهود والخلوة للدروز ، فلا مجال كما قال رأس الدولة الأردنية الملك عبد الله ، للتقسيم أو للشراكة فيه وعليه ، بين المسلمين ولغير المسلمين ، 2- أم تتم الاستجابة للمستوطنين وحكومتهم الأحتلالية الإستعمارية التوسعية العنصرية التي سعت عبر تفوقها وقدراتها وتحكمها بالبوابات المقدسية ، بفرض التقاسم الزماني ، تمهيداً ومقدمة لفرض التقاسم المكاني ، وتحويله جبلاً للهيكل يؤدي اليهود فيه حجهم داخل الحرم الإسلامي الشريف ومسجده الأقصى وعلى أرضه وفي سياق مساحاته ، كما سبق وفعلوا وفرضوا بالقوة المسلحة في المسجد الإبراهيمي في الخليل .
لا مجال للتسوية بين طرفي الصراع ، بين المحتلين المستوطنين الإسرائيليين الذين عبر عنهم المستوطن يوعز هندل في مقال له نشرته يديعوت أحرنوت يوم 30/9 تحت عنوان “ حان الوقت لتحكم إسرائيل القدس “ ، وبين الشعب الفلسطيني وأهل القدس وأبناء مناطق 48 ومع المرابطين والمرابطات ، حول الحرم القدسي الشريف – المسجد الأقصى ، لا مجال للتسوية أو التفاهم أو الشراكة أو التقاسم ، وأحدهما ستتم هزيمته وتراجعه عن مقصده ومعتقده ، إما بتراجع حكومة المستوطنين وأحزابهم عن مشروعهم بفرض التقاسم الزماني ومن ثم المكاني على الحرم القدسي الشريف ، وإبقاء الحال على حاله ، والقديم على قِدمه ، أو هزيمة الفلسطينيين ومعهم سائر المسلمين على وجه الأرض بقبول التقاسم والرضوخ للمشروع الإستعماري التوسعي العنصري الصهيوني الإسرائيلي ، إنها معركة كسر عظم ، يواصلها المرابطون والمرابطات من أبناء القدس والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة ضد الظلم والتعدي والمس بمعتقدات المسلمين وقناعاتهم وإيمانهم  .
النضال على الأرض في القدس لحماية الحرم القدسي الشريف يوازيه الجهد الأردني بالتعاون مع  الجهد الفلسطيني على الساحة الدولية لعل المسلمين والعرب ، الأثرياء منهم والفقراء يدركون حجم الكارثة التي تمسهم جراء مخططات وبرنامج المشروع الإستعماري الإسرائيلي ، الذي يهدف لتغيير معالم القدس العربية الإسلامية المسيحية بإعتبارها أولى القبلتين الساميتين وثاني الحرمين الشريفين وحاضنة للمسجد الأقصى ولكنيسة القيامة ، والعمل على أسرلتها وتهويد معالمها ، وجعلها صهيونية عبر قطع صلتها مع ماضيها وتراثها وقدسيتها وجعلها عاصمة للمحتلين ومشروعهم الإستعماري التوسعي ، وهذا ما قاله نتنياهو أمام المجتمع الدولي في الأمم المتحدة “ قبل الأسلام والنبي محمد قام النبي داود ببناء الهيكل على هذا الجبل وأعلن القدس عاصمة لدولة اليهود “ .
وحدها رئيسة البرازيل ديلما روسيف ، من على منبر الأمم المتحدة ، قالت “ لا يمكن تجاهل حقوق شعب فلسطين ، أو تقبل التوسع الأستيطاني في الأراضي المحتلة “ ولهذا تستحق التقدير من الشعب الفلسطيني بمكوناته الثلاثة : أبناء مناطق 48 ، وأبناء مناطق 67 ، ومن اللاجئين الفلسطينيين في العالم ، وأن تذكرهم بعدم تجاهل حقوقهم ، وعدم تقبل التوسع الإستعماري الإستيطاني ، فهو دليل حي على إستمرارية علو الأصوات المعبرة عن رفض الطغيان والإستعمار والإحتلال ، ولصالح التضامن المعنوي والسياسي والأخلاقي مع الشعب العربي الفلسطيني وقضاياه العادلة  .
نجاح رفع العلم الوطني الفلسطيني يوم 30 أيلول على السارية أمام الأمم المتحدة ، حصيلة الأنحياز والتضامن الدولي عبر التصويت الأممي يوم 10 أيلول بواقع 119  ضد ثمانية أصوات ، إنعكاساً لقبول دولة فلسطين وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وتصويتها يوم 29/11/2012 بواقع 138 صوتاً ضد تسع أصوات فقط ، يدلل على مدى تفهم المجتمع الدولي الأنساني المتعدد القوميات والأجناس والديانات ،  لتطلعات المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني وعدالة مطالبه في مواجهة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ولا شرعية لقراراته ولا قانونية لإجراءاته ، وهذا يزيد الشعب الفلسطيني ، والمرابطون والمرابطات عزيمة وقوة وإيماناً بعدالة قضيته ، وشرعية حقوقه ، ومطالبه بالمساواة في مناطق 48 ، والإستقلال لمناطق 67  ، والعودة للاجئين وإستعادة ممتلكاتهم المصادرة المنهوبة من مؤسسات الدولة العبرية التوسعية .