استغلال القوي السياسية العيد للدعاية الانتخابية

بقلم: 

الاستغلال السياسي للمناسبات الدينية لم تكن الأحزاب والتيارات المدنية بريئة منه على الإطلاق، فسعت أحزاب ليبرالية لاستغلاله لكن عبر آليات اتصال جماهيري أقرب منها للعمل العام وأنشطة مشروعة خارج دائرة المساجد، فحزب المصريين الأحرار الليبرالي نظم عددا من الدورات الرياضية الرمضانية، ومسابقات لحفظة القرآن الكريم وزع خلالها جوائز مالية وعينية عليهم، وخطط عبر إدارة العمل الجماهيري بالحزب للدفع بعناصره أمام الساحات الشعبية، لتوزيع هدايا.

المناسبات العامة والأعياد، هي أكثر المناسبات التي يقوم باستغلالها المرشحون لمجلس النواب، وهى كذلك التي استغلها نواب الحزب الوطني السابقون، خلال الأيام الأولى لعيد الفطر، من أجل العودة للظهور على الساحة السياسية، ومحاولة استقطاب المواطنين. وفى ظل غياب كبير للأحزاب،

لا سيما عدد قليل من مرشحيها، حل محل هذه الأحزاب، نواب الوطني، الذين يسعون بكل قوة إلى استعادة مقاعدهم داخل قبة البرلمان، وبعد الانتهاء من قانون تقسيم الدوائر، بدأ الجميع بالتحرك داخل التقسيم الجديد، من أجل ضمان نسبة نجاح أكبر فى انتخابات مجلس النواب المقبل. التيار السلفي هو، الأكثر احترافية في التوظيف السياسي للمناسبات الدينية، فإن التيار السلفي بدأ منافستها في ورقة المساعدات المالية والعينية للفقراء، عبر جمعياته الأهلية، مثل جمعيتي “أنصار السنة المحمدية” و”الجمعية الشرعية” اللتين تقدمان خدمات العلاج بالمجان وخدمات لأسر الأيتام ودروسا للطلبة، إنه بطبيعة الحال هناك أعياد للمسلمين شرع فيها الاحتفال، أما التوظيف السياسي بالطرق التي تلجأ إليها تيارات الإسلام السياسي والأحزاب،

فهي أساليب تعني المتاجرة السياسية، ومحاولات إعطائها دلالات أوسع من دلالات المناسبات، لاستدرار عواطف الجماهير الدينية، والاختفاء خلفها لتحقيق أهداف سياسية، وإخراج تلك المناسبات عن معانيها للتربح سياسيا. ، بدأت الأحزاب والائتلافات السياسية بالترويج لنفسها مبكرا مستثمرة الزحام الشديد الذي تشهده القبور بح الإعلام فى الوقت الحالي هو القوى الكبرى لتوجيه الرأي العام نحو قناعات مموليه من رجال المال والسلطة. حاول حزب المصريين الأحرار تصدر المشهد السياسي والاجتماعي في عيد الأضحى مدعومًا بمليارات مؤسسه نجيب ساوريس عن طريق توزيع لحوم الأضاحي على المواطنين من أجل جذب أكبر عدد من الداعمين له؛ حيث قام بعض قيادات حزب المصريين الأحرار بتوزيع لحوم عيد الأضحى على المواطنين،

 وذلك من أجل الدعاية الانتخابية للبرلمان القادم ويستهدفون من ذلك التواصل مع الجماهير، خاصة أن قيادات المحليات تتواصل مع الجماهير بهذه الطريقة لتوطيد العلاقات معهم. أن الأضحية سنة شرعاً علي أساس أنها تحقق أغراضها التي أرادها الشرع، وهي أن تكون طعاماً للفقراء والمساكين لإغنائهم في هذا اليوم وإزالة الحرمان عنهم، بينما من يستغل حاجة البسطاء وظروفهم المعيشية الصعبة من أجل خداعهم للتفريط في الواجبات والأمانات التي منحها الله لهم، يعتبر مذلة ومعرة وحرام شرعاً، لأن أمانة المسئولية ستكون في أعناق من دفعهم لفعل هذه الأفعال الشيطانية. لكل من تسول له نفسه أو يتلاعب بإرادة الناخبين بأن ذلك الشخص يظن ظناً خاطئاً لكونه معتقداً أنه يستطيع أن يشتري هذه الإرادة، وأقول لكل من يفكر في رشوة الناخب المصري: أنت واهم، لأن الشعب المصري ليس مجالاً للمساومة أو المتاجرة وأن هذا التفكير فيه إهانة وامتهان لكرامة وشرف المواطن المصري.. لان الشعب المصري الذي استرد حريته وكرامته وشرفه ووعيه وحقه الانتخابي، لن يفرط بعد اليوم في هذا الحق، ولن تستطيع أي قوة أن تؤثر علي إرادته في اختيار ممثليه بإرادته الحرة الشريفة المنزهة، تعبيراً عن التمثيل الحقيقي لمصلحة مصر أولاً، لأن مصر فوق الجميع. حسن

إن سيطرة المال على مقدرات العملية الانتخابية وعلى كافة أطرافها هي آفة بالغة الخطورة والجسامة على سلامة التمثيل النيابي للأمة وعلى مصداقية تعبير أفرادها عن إرادتهم. فلم يعد المال أمراً حيوياً لإدارة المعارك أو الحملات الانتخابية من جانب تمويل نفقاتها وإنما أضحى سلاحاً خطيراً للتأثير على إرادة الناخبين وتوجيههم نحو تأييد حزب بعينه أو مرشح أو قائمة بعينها سواء استخدم هذا السلاح من قبل المرشح ذاته أو من قبل أنصاره أو الحزب الذي ينتمي إليه لا فرق .

الرشوة الانتخابية لم تعد أمر يقتصر على التأثير على إرادة الناخب فحسب، وإنما يتجاوز ذلك لتكون إرادة المرشح ذاته فريسة لتلك الآفة بحيث يدين المرشح بالولاء لمن يدفع أكثر وبذلك تتجلى سيطرة جماعات الضغط التي تمتلك النفوذ والمال على مجريات العملية الانتخابية وبالتالي على الحياة النيابية بأثرها ومن ثم تتضاءل الفرص أو تنعدم أمام ذوي المثل والمبادئ المحققة للصالح العام المجردين من سطوة المال أو النفوذ لمنافسه تلك القوة الغاشمة لرأس المال وسيطرته على نتائج الانتخابات والوصول إلى مقاعد العضوية في المجلس النيابي أو لمجابهة تحديات مراكز السلطة وعناصرها المتحكمة في تسيير دفة العملية الانتخابية وقراراتها حيث أن سلطان المال وسيطرته أصبح هو الطريق المضمون لمن لا يحظى بأصوات الناخبين إلى مقعد البرلمان ابتداء بالحصول على ثقة الحزب لترشيحه ومساندته وانتهاءً بشراء أصوات الناخبين

ويزيد من تفاقم تلك الآفة وتعاظم دورها المتحكم في نتائج الانتخابات أمور أبرزها تفشي الفقر والجهل والبطالة وذلك أمر طبيعي إذ أن من لا يملك قوته لا يملك قراره فإن هذا الثالوث يعد وبحق مرتعاً خصباً لآفة المال التي يمكن أن تفسد نزاهة الحياة النيابية ذلك حيث يقع كثير من الناخبين خاصة من يعانى منهم الفقر أو الجهل أو البطالة فريسة سائغة أمام العروض والعطايا والهبات والوعود والخدمات السابقة التي قدمها لهم المرشح أو أعوانه أو أقاربه فيدلي الناخب بصوته واضعاً في اعتباره تلك العناصر التي تعد ولا ريب بمثابة حبل شانق لإرادته. فضلاً عن ذلك فإن القصور والنقص في التشريعات الحاكمة لعملية الإنفاق المالي الظاهر والباطن على الحملة الانتخابية أو الدعم غير المحايد من السلطة لبعض المرشحين دون غيرهم يعد سبباً جوهرياً آخر لزيادة آثار سلاح المال السلبية على سلامة العملية الانتخابية.

من أجل ذلك عنت التشريعات الانتخابية الحديثة بتجريم فعل الرشوة الانتخابية لتلافي المخاطر المحدقة بنزاهة نتائج العملية الانتخابية ولتقويض سطوة المال على مقدرات المعارك الانتخابية. أشارت المادة 48‏ من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73‏ لسنة 1956‏ المعدل بالقانون رقم 124‏ لسنة 2011‏ إلي انه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه‏ كل من أعطي أجرا أو عرض أو التزم بأن يعطيه فائدة لنفسه أو لغيره كي يجعله يمتنع عن إبداء الرأي أو يبديه علي نحو معين. ولرئيس اللجنة العليا للانتخابات الحق في إبطال الأصوات الانتخابية الناتجة عن ارتكاب الجريمة, وكل من قبل أو طلب فائدة من هذا القبيل لنفسه أو لغيره أو يعاقب المرشح المستفيد من الجرائم الواردة بنفس عقوبة الفاعل الأصلي إذا تبين علمه وموافقته علي ارتكابها وتحكم المحكمة فضلا عن ذلك بحرمانه من الترشح للانتخابات النيابية لمدة خمس سنوات من تاريخ صدور القانون بهذا الشكل وصدوره منذ عام 1956, إلا أنه لم يتم تفعيله علي مدي تاريخ الانتخابات في مصر بجميع أشكالها. اتفاق مفهوم الرشوة في قانون العقوبات ومفهوم الرشوة الانتخابية وإن كانت الأولي تقتصر علي الموظف العام والذي يتاجر بأعمال وظيفته, أما الثانية فتنصرف للمرشحين والناخبين. إن جريمة الرشوة الانتخابية تقوم علي عنصري الراشي والمرتشي, بينما يضاف إليها في الرشوة العادية الوسيط, ويستوي أن تكون الفائدة مادية أو معنوية وتقع الجريمة بمجرد الطلب أو العرض.