آوسلو بعد حولين : تناقضات الحال والاحوال

بقلم: 

مشهد ليس بفريد ولا غريب من نوعه ، ان تمر أمامك سيارات ( بالصدفة الحدث موقعه ابو ديس) وشاب عشريني بعمر أوسلو يقود سيارة وصوت الأغاني العبرية الصاخبة تعلو آفاق الشارع وصخب المكان . في نفس اللحظة التي يعلو فيها صخب الاعتداء على الأقصى وشاب عشريني اخر يتم سحله وضربه والاعتداء عليه بينما يحاول الدخول للصلاة بالاقصى ويمنعه الجندي المتحدث بالعبرية او العربية لم يعدهناك فرق من الدخول .
بنفس الموقف والمكان يمر رجل ملتحي وكأنه خرج من كهوف العصور يبدي ضيقه من صوت الاغنية العبرية او شكلي المتبرج بلا حجاب .
بنفس المشهد او بالقرب منه تستمر تناقضات المشاهد في احتفال بإنجاز لرفرفة علم بالأمم المتحدة وتخرج جنازة شهيد او احتفال بفك قيد أسير وتتسابق الاعلام بألوانها الحزبية وتغلب ذاك العلم الذي استحققناه بالأمم المتحدة ليكون بين اعلام الدول .
السيادة علم يرفع بينما شجرة تقلع وام تثكل وطفل يحرق وابن يدفن.
مشهد سيستمر بينما مشاهد الاقصى التي تشهد على ذلنا وهواننا ولن نتردد في اسبوع من اليوم عندما تبدأ الاعياد بالتهافت على اسواقهم ومنتجعاتهم ومتنزهاتهم. بينما يقسم الاقصى على مرأى اعيننا وبعض من شبابنا وبناتنا يرمون بأنفسهم دفاعا يتدفق منا المئات بنفس اللحظات بالتبضع بالمول بالجهة المقابلة. والشجب شبه شجب والإدانة الرسمية شبه ادانة.اراض سربت ،ودور بيعت عوائل شردت وبيوت هدمت بعد اوسلو
بعد حولين من اوسلو تسأل الفلسطيني في القدس هل يرغب بدولة ويقول متسارعا لا قدر الله .
بعد حولين من اوسلو يشيع شهيد في الجلزون وتنير السماء مفرقعات احتفالية برام الله .. وقد كان شهيد غزة يغلق الضفة حدادا لايام قبل اوسلو
بعد حولين من اوسلو، ولقد كانت الدولة حلم والخريطة الفلسطينية تعقد سلسلة على رقابنا للزينة فيما بين الحلم والامل . أصبحت الخارطة رقعة لأجزاء من الارض تفصلها الحواجز ويقطعها الجدار وتحجبها المستعمرات ، وصار للرقع اسم دولة تمزقنا في السعي اليها وانفصلنا وصرنا جزرا قاحلة لا تحدها مياه وتغرقها الفرقة والسلطة والفساد.
بعد حولين من اوسلو تزايد السفر فيما بين مؤتمرات وتدريبات وبناء قدرات وتنمية ،وعلقنا الشهادات وتسابقنا على الالقاب وانعدمت منا الكفاآت وهدمنا القدرات ومن مجتمع لجان شعبية الى مجتمع لجان يتبارى من اجل رئاستها والانضمام اليها المنتفعون من اجل اي شيء ومقابل اي شيء لاستغلالها بواسطة او سلطة لا يفهم اي منا سببها او منفعتها . ومنظمات غير ربحية تعود بالارباح المفرطة على رؤسائها.
بعد حولين من اوسلو ، هناك شاب من بيت لحم او بيت ساحور يعرف ان شعفاط في اسرائيل وان القدس حدودها في البلدة القديمة . وشاب في رام الله يتخرج العام من الجامعة لا يعرف عن النكبة الا اسمها وذلك المفتاح الذي يتم تأبينه في كل عام . وصبية من القدس تقول حين تسألها عما جرى في ٦٧ فتقول لك النكبة ؟ لا صبرا وشاتيلا .
بعد حولين من اوسلو اصبحت مخيمات اللاجئين دائمة ، وصارت مركز الفتوة وثكنات للبلطجة الممولة من فاسدي السلطة . اصبح المخيم عبئا على الشعب وثقلا على اصحابه الذين اثقلهم بظلم الزمن عليهم واثقلوه بقسوة التضحية التي جلدت نفوسهم، بعد ما كان فخر الوطن ورمز الصمود وبطاقته كانت تشرح بها القضية.
بعد حولين من اوسلو … اصبح الوطن استحقاق لعائد . ولمصاب ولاسير سابق. بعدما كان المنفى نضال وشتات والاسر فداء حرية والاصابة عطر كرامة .
بعد حولين من اوسلو …صار الوطن في بطن بعض اشخاص. وبمصالح بعض اشخاص .
صارت القضية مسألة تسهيلات وبطاقات “في اي بي” ومنصب لاحدهم وبيزنس لذاك وذاك
بعد حولين من اوسلو … كانت القضية بعدالتها هي عنوان قوتنا وشريان نبضنا وصرنا قضايا عالقة بلا نبض وشراييننا جفت ونبضنا كان او لم يكن لم يعد لنا او لغيرنا عدل قضية او قضية عدل.
بعد حولين من اوسلو ، اصبحت اوسلو هي المشكلة وبوجودها المعضلة وعرابوها يحلوها ويحللونها ويفككوها امامنا كمن في عرض لا الجمهور يصدق ولا الممثل مقتنع بآدائه
بعد حولين من اوسلو صار حالنا لا حول له ولا قوة الا بالله…