جرائم المستوطنين لا توقفها مبادرات سلام

بقلم: 

مع اشتداد جرائم المستوطنين في محافظات الضفة المحتلة بحق أبناء شعبنا، والتمادي في الاعتداء على الآمنين وحرقهم وقتلهم، تحرك وزراء الخارجية العرب ليعيدوا قراءة ومناقشة مبادرة السلام العربية البائسة، حيث اجتمع الوزراء العرب مؤخرا وبحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في جلسة طارئة عقدت في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، للبحث في مصير مبادرة السلام العربية البائسة، بعد أن ضج العالم كله لجرائم المستوطنين بحقنا البشعة وحرق الأطفال الفلسطينيين، آخرها حرق عائلة الطفل دوابشة، وممارسة أعمال الإرهاب والقتل بحق أبناء شعبنا تحت إشراف حكومي (إسرائيلي) ودون حسيب أو رقيب.

وأقول هنا لقد مر 13 عاما على مبادرة السلام العربية التي أعلنت في القمة العربية في بيروت عام 2002م، وخلال هذه السنوات هل حققت هذه المبادرة البائسة شيئا ؟؟ بل أصبحت لا تساوي الحبر الذي كتبت به حيث ارتكبت (إسرائيل) آلاف المجازر بحق الفلسطينيين، كما أن العدو الصهيوني شن ثلاثة حروب على قطاع غزة قتل فيها الآلاف من أبناء شعبنا ودمر القطاع بصورة شبه كاملة، مع ذلك لم يخرج الوزراء العرب معلنين الحرب على (إسرائيل) وانتهاء زمن المفاوضات مع العدو الصهيوني وبدء حرب الاستنزاف العربي لتحرير أرض فلسطين .. هذا ما يتوقعه العالم العربي .؟؟ لكن اليوم العالم العرب منشغل بمشاكله الداخلية وحروبه من تنظيم داعش ؟؟ لا أتوقع التفكير في تحرير فلسطين من قبل العرب في هذه الأيام.

يبدو لي أن وزراء خارجية العرب يعيشون في سبات عميق عندما يتحدثون اليوم عن اجتماع طارئ لمناقشة مبادرة السلام العربية الضائعة، والتي تتحدث عن خيالات السلام مع العدو وقطعان المستوطنين يعيثون في أرضنا فسادا وقتل وحرقا للأطفال .. لا أدري ما هي الأسباب التي جعلت العرب وهم يعيشون في أوطناهم أوضاع مزرية يتداعون لمناقشة مبادرة السلام العربية وفي هذا الوقت تحديدا؟؟ .

وأدعو الوزراء العرب لعقد اجتماعات دورية وليست لمناقشة قصة معينة، وبأية طريقة من أجل مناقشة أحوال فلسطين المحتلة الصعبة وجرائم المستوطنين اليومية، وأحوال العالم العربي المنقسم على نفسه .. فلم تكن جريمة حرق الطفل دوابشة هي الجريمة الأولى، بل سبقها مئات من جرائم الحرق والقتل والتدمير بحق أبناء شعبنا، والأغرب من ذلك دعوة أطلقها قبل أيام زعيم منظمة "لاهافا" الصهيونية المتطرفة دعا صراحة إلى حرق الكنائس في الكيان .

لقد جاءت نتائج اجتماع العرب مخيبة للآمال وهي عبارة عن عبارات استنكارية، اعتاد مجتمعنا العربي على سماعها وهي  تحميل الحكومة الإسرائيلية  المسؤولية المباشرة على جرائم المستوطنين والدعوة إلى  وضع المجموعات الاستيطانية على قوائم المنظمات الإرهابية وملاحقة أعضائها أمام المحاكم الدولية والدعوة لإجراء مشاورات عربية ودولية لطرح مشروع قرار أمام مجلس الأمن حول جرائم المستوطنين.

وأشدد على أن كافة هذه القرارات الوزارية التي اتخذها العرب في اجتماعهم يضرب العدو الصهيوني بها عرض الحائط، وحتى المجتمع الدولي لا يلتزم بها، فهي مجرد قرارات نظرية فارغة المضمون لا ينتظرها المواطن العربي .. المواطن العربي الأصيل صاحب النخوة والشهامة .. ينتظر قرارات هامة مثل إعلان النفير العربي في وجه الصهاينة عبر المظاهرات الاستنكارية لجرائم المستوطنين في كافة البلدان العربية.

ويتساءل الكاتب لماذا لا ينظم الزعماء والقادة العرب مسيرة عالمية لرؤوساء العالم في وسط القاهرة - أو أية عاصمة عربية - استنكارا لجرائم المستوطنين بحق الفلسطينيين.؟؟!! وسؤال آخر لماذا لا تنظم فعالية عربية كبيرة تحظي باهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام ضد من يحدث من جرائم علنية بحق الشعب الفلسطيني العربي ..؟؟ ولماذا لم يسمع الفلسطينيين قيام أية دولة عربية بوقف التنسيق مع الكيان الصهيوني وقطع العلاقات معه، واعتباره الراعي الأكبر للإرهاب في (الشرق الأوسط).. والسؤال الهام لماذا لم يتحرك السلاح العربي ضد هذه جريمة الحرق وكافة الجرائم التي ترتكب بحق أبناء شعبنا الفلسطيني؟؟!!

إن ما يحدث في فلسطين المحتلة يمثل جرحا نازفا يحتاج من جميع العرب والمسلمين إن يهبوا لإنقاذ فلسطين والمسجد الأقصى المبارك، وأرضنا تعاني من جرائم المستوطنين وقرارات الحكومة الفاشية الصهيونية منذ احتلالها عام 1948م، كما أن حكومة نتنياهو والتي أكثر وزرائها مستوطنين أعلنت عن دعمها للأعمال الاستيطانية في الضفة المحتلة والقدس بأكثر من (100) مليون دولار، بل وقدمت حكومة نتنياهو كافة التسهيلات للمنظمات اليهودية الإرهابية، كما كشفت وسائل الإعلام العبرية عن التنظيم اليهودي السري الذي يحمل اسم " مملكة الشر"، الذي يعمل أعضائه على تنفيذ جرائم الحرق والقتل بحق الفلسطينيين وبأوامر وآليات توضحها وثائق التنظيم، كما كشفت مؤخرا أجهزت الأمن الصهيونية - حسب وسائل الإعلام العبري- أن المستوطنين الذين أحرقوا منزل الطفل الرضيع علي دوابشة ينتمون إلى التنظيم اليهودي السري ، وقاموا أعضاء التنظيم بتنفيذ عدد كبير من جرائم القتل في الفترة الأخيرة.

لابد للعرب أن يبحثوا عن مبادرة عسكرية لتحرير أرض فلسطين، وأن يقفوا سدا منيعا لحماية القدس والمسجد الأقصى المبارك من جرائم المستوطنين، وأن يدركوا أن معادلة القوة مع الكيان الصهيوني تغيرت وأصبحت المقاومة الفلسطينية هي من تفرض شروط هذه المعادلة الصعبة .