انتخابات بيرزيت وهامش الإستقطاب

بقلم: 

سوقت حركة حماس فوزها في إنتخابات جامعة بيرزيت على أنه مفاضلة شعبية بين نهجها ونهج السلطة وحركة فتح، وقد بدا من اللافت أن حماس لم تقف عند هذا التوصيف لنتائج إنتخابات بيرزيت، وإنما ذهبت  كعادتها إلى أرجاع ونسب هذا التقدم على حركة فتح، من خلال إتباع سياسة شيطنة وتعهير الآخر ،حيث قدمت فوزها، على أنه محاسبة لسلطة فاسدة وحركة ألقت السلاح وفرطت بالوطن،وبالتالي تقديم نفسها كحركة تحتكر المقاومة وتنفرد بالطهارة والنقاء ،وهي الرسالة التي لا تنفك حماس عن ترديدها ومحاولة تسويقها في كل مناسبة منذ نشأتها في سياق استراتيجتها لتكريس اطروحة البديل.

العجيب في الأمر أن البعض بما في ذلك حماس يصور الواقعة كما لو أنها شطبت حركة فتح مرة وللأبد من المعادلة السياسة الفلسطينية،رغم أن الواقع والمنطق التحليلي السليم يقدم لنا قراءة و رؤية مغايرة وأكثر واقعية مما تسوقه حركة حماس ومما يراه البعض الشامت بحركة فتح، في سياق محاججة ديماغوجيا حماس،أن محاولتنا إجراء مقاربة لنتائج إنتخابات بيرزيت لهذا العام ومقارنتها بنتائج العام الماضي،تقدم لنا  حقيقتين منطقيتين، الأولى تقول أن حركة فتح وحركة حماس تحافظان على قواعدهما المنتمية فطرياً وهي نسبة  نحددها بالحد الأدنى الذي استقرت الحركتين في حدوده سواء في حالات الفوز أو الخسارة ،ففي حين حصلت حماس على 20 مقعد في إنتخابات العام الماضي،مقابل حصول فتح  على 23 مقعد ،جاءت نتائج هذا العام لتظهر تراجع شبيبة فتح إلى حدود 19 مقعد وهي تقريبا نفس النتيجة التي أظهرت قاعدة حركة حماس الواقعية والحقيقية  في الانتخابات الماضية....ثانيا، استنادا إلى هذه الأرقام وبالنظر لنتائج هذا العام والتي انتهت بفوز حماس بواقع 26 مقعد مقابل 19 لحركة فتح ،نصل إلى إستنتاج أخر يمكن ان نصطلح عليه الهامش الإستقطابي بين الحركتين ،والمفارقة في هذا الاستنتاج أن هذا الهامش لا يمكن حصره وضعه في رصيد أي من الحركتين حيث تظهر تجربة العام الماضي وهذا العام أن هذه الفئة الطلابية غير منظمة حزبيا وخاضعة وتحركها الحاجة والعوز  للخدمات الأمر الذي نسجله على شبيبة فتح كأحد أهم عوامل التراجع وبالتالي، لا علاقة للفساد أو المقاومة المزعومين في الميل إلى التصويت لحماس،بحيث لو أن الأمر كما تسعى حماس إلى تسويقه في إعلامها فأن المنطق يقول أن ثلاثة حروب من المفترض أن تنهي كافة الفصائل عن المشهد السياسي وتمنحها الخيار والجمل بما حمل على اعتبار انها تمثل المقاومة والطهارة والدين كما تحب أن تسمي نفسها.

محصلة القول أن النتائج التي أفرزتها صناديق بيرزيت،لا علاقة لها لا بصاروخ جعبري ولا ببرنامج حماس ونموذج غزة المزعوم،هنا أرجع القارئ إلى مؤشر ومقياس قاعدة شعبية الحركتين التي استقرت في مستوى 19_20 مقعد لفتح وحماس،وبالتالي يمكن أن نقول أن ثمة تقاعص من قبل شبيبة فتح في المنافسة على هامش الاستقطاب المتمثل بواقع 800 صوت(7 مقاعد) وهو ما بوسع الشبيبة إصلاحه في الاستحقاق القادم ضمن خطة واستراتيجية تنظيمية ممنهجة  ....أعتقد كما الكل الفتحاوي أن إنتخابات بيرزيت قدمت نموذج وإنطباع يعكس صدق حركة فتح مع شعبها وكيف أن فتح والسلطة تمثلان حصن يكفل حتى للخصم الذي يتعامل بعقلية صفرية أحادية مع الكل الوطني،أن يمارس حياته السياسية الحزبية،وهو ما يدحض زيف ادعاءات حماس عن إفتقار قانون ونظام الرقابة الانتخابي في مؤسساتنا الوطنية ،إلى معايير النزاهة والشفافية.

بقلم الاسير ماهر عرار سجن النقب