التحقيق على الطريق فى اسرائيل

بقلم: 

الصحافيون فى اسرائيل فى أعقاب فشل حرب 12 تموز 2006 أشعلوا فتيل محاسبة قيادة الاحتلال من رئيس وزراء " أولمرت " ، ووزير حرب " عمير بيرتس " ، ورئيس أركان " دان حالوتس " وهم من حرضوا الشارع الاسرائيلى لاتخاذ خطوات احتجاجية تطالب باستقالة المسئولين بسبب اخفاقهم فى تلك الحرب ، وقد نجحوا بعد تحريض الجمهور في 9 أيلول 2006 بتنظيم احتجاج ضخم في ساحة رابين في تل أبيب شارك فيه نحو 40 ألف اسرائيلى مطالبين بتكوين لجنة تحقيق، وبالفعل تكونت اللجنة بعد معارضة قوية من الوزراء وعلى رأسهم أولمرت برئاسة القاضي إلياهو فينوغراد والبروفسورة روت غابيزون، البروفيسور يحيزقيل درور، والجنرالان الاحتياطيان مناحيم عينان وحاييم ندال.
وفي أبريل/نيسان 2007 كان التقرير المؤقت ، وفي 30 يناير 2008 أصدرت اللجنة تقريرها النهائي المتكون من 500 صفحة ، وأكد التقرير على المسؤلية الجماعية على القادة السياسيين والعسكريين على اخفاقات الحرب .

وأعتقد أن حرب غزة أو حرب رمضان 2014 ، ستعيد الكرة بنفس الوسيلة لتبدأ بحالة تمرد على مستوى الشارع ووسائل الاعلام والجهة السياسية والعسكرية والقضائية ولن تكون بعيدة عن نفس النتائج مع اختلاف الأسماء والجغرافيا والتاريخ .

فمنذ الحرب البرية التى قررها رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الحرب يعالون ورئيس الأركان غينيتس والخسائر التى منى بها الجيش الذى كان لا يقهر ، فقهر ،  وانهارت قوة ردعه أمام امكانيات محدودة من بضع آلاف أو حتى مئات من المقاومين النخبويين بخطة عسكرية دارت تحت الأرض بظروف قتالية معقدة ومركبة كما وصفها مرات نتنياهو ، فبريت أسنان أقلام المحللين السياسيين والعسكريين كان من أبرزهم كاتب هآرتس جدعون ليفى و محلل القناة الثانية الاسرائيلية للشؤون السياسية "امنون اهرونوفيتش" وأكثرهم صراحة كانت صحيفة معاريف العبرية على لسان " عمير رببورت " الذى بدأ يعيد ذاكرة تجربة فينوغراد 1 فى الأذهان معتقدأ بوجود فيونغراد 2 عما قريب متسائلاً فى تحقيق مهم له وبعنوان عريض : هل لجنة التحقيق في الطريق….؟
أجيب على السؤال بنعم ، فالصحافيون أثناء المعركة دعوا لمحاسبة المسئولين فى اسرائيل على قضايا استراتيجية مهمة منها " كيف غفلت الحكومة الاسرائيلية وأجهزة المخابرات عن تراكم قوة المقاومة الفلسطينية و فى قضية الصواريخ بعيدة المدى التى وصلت إلى حيفا ، والأنفاق التى كانت مقابر الموت للضباط والجنود أثناء الحرب البرية ، والاخفاق فى حماية الجنود من عمليات الخطف التى كانت ممكنة طوال الحرب والقتال من على مسافة صفر مع الفدائيين ، والاخفاق فى انهاء المعركة فى أطول حرب خاضتها اسرائيل فى تاريخها والمغايرة فى التكتيك والاستراتيجية كونها كانت فى الداخل المحتل وليست خارجها ، والتى لم تكن بمبادرتها فخسرت عنصر المفاجئة والضربة الاستباقية التى تعودت عليها عسكرياً ، وبعدم توفر المعلومات الكافية عن التفاصيل ، وقلة الاختراقات الأمنية للمقاومى الفلسطينية ، وعدم جاهزية الجيش للحرب، وشكوى الاحتياط الذى تراكم عليه الصدأ قبيل المعركة ، وتواضع الأهداف العسكرية وعدم تحقيق انجاز يذكر فى هذا الاتجاه ، بالاضافة لخسران الرأى العام الدولى وخاصة على مستوى الدول المتنفذة بالقرار ، وتوتير العلاقات مع الحليف الاستراتيجى المتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية ، هذا بالاضافة لفضائح ناقلات الجند القديمة والغير محصنة والتى كانت فريسة سهلة لاستهداف المقاومين وعدم صلاحية الملاجىء للتحصين داخلياً ، وعدم تحقيق انجازات للنخب العسكرية المختارة بل وانكسارها أمام القناصة والمراقبة والفشل فى الأداء ، والقتل المتكرر للجنود والضباط بنبران صديقة وبالخطأ .

أعتقد أن ثورة الصحفيين وعلانيتهم فى النقد ستحضر لمسيرات داخلية  بعشرات الآلاف من المعارضين اللذين يحملون المسئولية عن قتل واصابة أبناءهم للحكومة التى لم تحمى مواطنيها ، وعدم الشعور بالأمن حتى فى بيوتهم ، مع ارتفاع نسبة القتلى والمصابين من الجنود ، وجعلتهم فى أجواء حصار بعد اغلاق سماء الاحتلال بسبب تهديد  الصواريخ وقرار شركات الطيران بعدم الهبوط فى المطارات الاسرائيلية ، وفى أعقاب الخسائر الاسرائيلية الفادحة بمليات الدولارات .

أعتقد أن اللجنة الثانية ستكون على الطريق ، وحينها سنجد استقالات طوعية أو اجبارية فى حال الادانة أو فشل العملية العسكرية فى تحقيق مكاسب عسكرية حقيقية على الأرض .