فلسطينيو سوريا تهجير وفقر وانتشار أوبئة

بقلم: 

حذرت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (أونروا) قبل فترة وجيزة من الوضع الإنساني الخطير الذي يواجهه اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، وأشارت إلى أن المجاعة والأوبئة تحاصر اللاجئين الفلسطينيين هناك وعلى وجه التحديد مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق. إضافة إلى ذلك لابد من الإشارة إلى أن غالبية سكان المخيمات الفلسطينية في سوريا اضطروا للنزوح عنها، إما إلى مناطق أكثر أمناً في العاصمة دمشق، أو إلى خارج سوريا. حيث لم تفلح خطابات النأي بالنفس التي تبنتها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية منذ بداية الأزمة السورية، من منع دخول اللاجئين في المعادلة السورية. فبعد استهداف مخيمات اليرموك وخان ذانون ودرعا في الجنوب السوري - منذ نهاية العام الفائت 2012 وحتى اللحظة، تمت عملية نزوح طالت عشرات الآلاف من مخيمات اللاجئين إلى المنافي البعيدة والقريبة. وفي هذا السياق قدر مجموع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا في عام 2013 بنحو 525 ألف حسب مصادر مختلفة. كان يتركز 69 في المائة في العاصمة دمشق حتى نهاية العام المنصرم 2012، والمخيمات القائمة في ضواحيها مثل اليرموك، سبينة، جرمانا، خان الشيخ، السيدة زينب، ذانون، الرمدان، الحسينية. في حين يتوزع الباقون (31,2%) على المحافظات الأخرى، اللاذقية، حلب، حماه، حمص، درعا، والمخيمات القائمة فيها. وبشكل عام، يتركز في عشرة مخيمات معترف بها من قبل الوكالة في سوريا نحو 30 في المائة من إجمالي مجموع اللاجئين في سوريا وترتفع إلى 60 في المائة إذا أخذنا في الاعتبار سكان مخيم اليرموك من اللاجئين الفلسطينيين.

وفي الجانب الإنساني، فإنه تبعاً لاستمرار المعاناة في سوريا بشكل عام، حذرت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (أونروا) مؤخراً من الوضع الإنساني الخطير للاجئين، وقالت إن المجاعة والأوبئة تحاصر اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق. وأشار مدير عمليات الأونروا في سوريا مايكل كنجزلي في تصريحات له قبل فترة، إلى أن هناك ما بين 15 ألفا وعشرين ألف لاجئ فلسطيني محاصرين في ظروف إنسانية خطيرة في مخيم اليرموك. وأوضح كنجزلي، بأن الوكالة ترغب في إيصال مساعدات غذائية وأدوية وأخرى تتعلق بفصل الشتاء للمحاصرين بالمخيم وأنها تجري اتصالات مع السلطات السورية للسماح لها بدخول المخيم، وعبرّ عن أمله بأن تستجيب السلطات السورية لنداء الأونروا الإنساني. وكان المفوض العام للأونروا فيلبو غراندي قال، في كلمة ألقاها باجتماع حضره مندوبون عن الدول المانحة للوكالة، إن وضع اللاجئين الفلسطينيين بالمخيم خطير للغاية. وشدد أكثر من مرّة قائلا "إن اللاجئين الفلسطينيين بالمخيم تحاصرهم المجاعة والأوبئة، وأضاف أن الأونروا حاولت إيصال مساعدات للمحاصرين هناك إلا أنها فشلت بعد إعادة قوافل مساعدتها من الحواجز العسكرية. ودعا غراندي كلا من الحكومة السورية والمعارضة لتوفير الحماية اللازمة للاجئين الفلسطينيين، موضحا أن ثمانية من موظفي الوكالة قُتلوا أثناء تأدية عملهم، بينما يعتبر 19 موظفا بعداد المفقودين.
وفي حين أكد كنجزلي أن نحو 50% من اللاجئين الفلسطينيين باتوا في عداد المهجرين داخل وخارج سوريا، قال غراندي إن خمسين ألفا من اللاجئين لجأوا إلى لبنان التي يوجد بها أصلاً أكثر من ثلاثمائة ألف لاجئ فلسطيني منذ عام 1948. واكد أن ستة آلاف لاجئ فلسطيني لجأوا إلى مصر لا تستطيع الأونروا تقديم أي مساعدات لهم لعدم وجود أي تمثيل لها هناك، عوضا عن نحو مائتين فروا من سوريا وغرقوا بالبحر المتوسط. وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى ان مئات من فلسطينيي سوريا الذين نزحوا عنها، تمّ وصولهم بزوارق إلى ايطاليا ومن ثم إلى السويد التي منحتهم حق الإقامة ولم الشمل مباشرة، بعد رحلات الموت من شواطئ مصر وليبيا.
وألمح غراندي بنوع من التحفظ عن "إغلاق الحدود الأردنية بوجه اللاجئين الفلسطينيين" أما كنجزلي فدعا من جهته، الدول كافة لإبقاء حدودها مفتوحة في وجه الفلسطينيين الفارين من سوريا. وأكد كنجزلي أنه يعمل على دعم اللاجئين الفلسطينيين داخل سوريا ومساعدتهم في مواجهة الظروف هناك، وأكد انه يصر على الإبقاء على دعم للاجئين الفلسطينيين هناك. ولفت على ان المفوض العام للأونروا أعطى صورة قاتمة عن وضع الفلسطينيين في فلسطين وفي دول الشتات.
والشيء الخطير الذي أشار إليه غراندي، هو تغير ما وصفه بخارطة الشتات الفلسطيني في ظل التغيرات الكبيرة التي تشهدها المنطقة. مما يدفع إلى الاعتقاد أن حالة النزوح والتهجير ستطال مزيد من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وغيرها من الدول العربية.
وتبقى الإشارة إلى انه رغم رفع شعار النأي بالنفس من قبل اللاجئين الفلسطينيين وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، فإن الوضع الخطير في سوريا، أدى في نهاية المطاف إلى زج المخيمات في المعادلة السورية التي باتت أبعد من الجغرافية السياسية لحدود الدولة.
ولهذا يبدو الحديث عن قرب التوصل الى اتفاق لتحييد المخيمات عن المعادلة السورية، أمراً غير واقعي، لأسباب عديدة، في المقدمة منها، الانتشار الجغرافي للمخيمات الفلسطينية في كافة المدن السورية، ناهيك عن انحياز بعض الفصائل إلى أحد طرفي المعادلة السورية.

 

 

 

المصدر: 
المستقبل