الحراك الشبابي: قراءة اجتماعية سياسية

بقلم: 

 

شهدت السنوات القليلة الماضية ظاهرة متميزة في التاريخ الفلسطيني تمثلت في التحركات الشبابية التي عمت مختلف مناطق انتشار الشعب الفلسطيني على أرض وطنه وخارجها. إن ما اصطلح على تسميته «الحراك الشبابي» الفلسطيني، وإن تفاوتت معدلات شدته وانتظامه وعناوينه، عكس في الضفة الغربية على وجه الخصوص تشابك وتداخل عاملين مهمين: الأول، وجود حيز من الفراغ السياسي والتنظيمي الذي تركه تراجع الدور الكفاحي/ النضالي والسياسي للتنظيمات الفلسطينية المنخرطة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية بعد اتفاقات أوسلو سنة 1993. وهذا الفراغ، الذي استطاعت القوى الإسلامية الفلسطينية احتلال جزء منه حتى العام 2007 (تاريخ الانقسام الفلسطيني الداخلي)، عاد ليتسع وتزداد أهمية تعبئته بعد هذا التاريخ. والثاني، المرتبط بالأول موضوعيا، يتمثل في تداعيات تراجع الدور السياسي ممنظمة التحرير، وانحسار مساحة الوظائف التي أدتها في خدمة القضايا الاجتماعية للشعب الفلسطيني والحفاظ على هويته الجمعية عبر البنى المؤسسية للمنظمة.
كان هذا التراجع ناتجا، إلى حد كبير، عن عملية إحلال السلطة الفلسطينية محل المنظمة. لسنا هنا بصدد تحليل التعقيدات الناجمة عن هذا الإحلال السياسي والتنظيمي بقدر ملاحظة أن هذه الثنائية لم تترافق مع إنجاز مشروع التحرر الوطني، مما خلق تشوها في البنية الوظيفية لكلا الإطارين (السلطة والمنظمة) وحد من قدرة كل منهما على النهوض بأعباء التعبير عن مطالب الشعب الفلسطيني الوطنية والسياسية والاجتماعية.
في المناطق الفلسطينية المحتلة في سنة 1967 نتج عن هذا الواقع تغير انعطافي في طبيعة القوى الاجتماعية الناشطة سياسيا استنادا لواقع تبلورت في سياقه مطالب سياسية واجتماعية جديدة مرتبطة بوجود السلطة الفلسطينية، ليس أقلها مطالب الديمقراطية، والمظالم الناتجة عن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وما يرتبط بها من مشكلات التوزيع والتنمية التي عجزت السلطة الفلسطينية عن تقديم حلول فاعلة لها. يضاف إلى هذا الواقع المعقد أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة بات يجد نفسه ممزقا بين سلطتين سياسيتين متنافرتين في رام الله وغزة من جهة، وبين سلطة الاحتلال الإسرائيلي صاحبة السيطرة الفعلية على مجمل الحيز الفلسطيني.

مخيم باب الكرامة.

ظهر الحراك الشبابي الفلسطيني في إطار هذه الشروط الموضوعية، التي لا تبرر أهميته من حيث المبدأ فحسب، وإنما تصوغ مهماته والتحديات التي يجابهها، وفوق ذلك تعد في منزلة الفرصة والحيز لتقدم الحراك تنظيميا ووظيفيا باعتباره قاطرة لحركة اجتماعية - سياسية ذات عمق وامتداد كبيرين. وفي الوقت ذاته، يضع هذا الظرف قيودا وتحديات جسيمة تتطلب من هذا الحراك إتقان التعامل معها وتذليلها. إن الفرصة السياسية والتنظيمية المتاحة أمام هذا الحراك لم تترجم بعد إلى حضور فاعل يتسم بدرجة ثبات نسبي وفاعلية قائمة على التحشيد والتنظيم الفعال. ومن الملاحظ أن غياب الهيكل التنظيمي للحراك الشبابي الفلسطيني قد حد من قدرته على التحشيد اللازم لاكتساب الفاعلية السياسية والاجتماعية التي تمكنه من إظهار درجة عالية من الاستمرارية والثبات النسبي. بل إن غياب البنية التنظيمية، على الرغم من توافر الفرصة السياسية، ساهم جوهريا في شرذمة الحراك والحد من قدرته على تبني برنامج وطني سياسي جامع يوفر الرافعة اللازمة كي يتحول الحراك إلى قوة دافعة لتشكل حركة اجتماعية شاملة. 

******

انطلق الحراك الشبابي الفلسطيني في آذار 2011 متزامنا مع الحراكات الشبابية في الوطن العربي- حيث كانت مسألة إنهاء الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني تتصدر جدول أعمال القوى الشبابية في بواكيرها. وقد التقت جهود المنظمات الشبابية الفلسطينية في أكثر من موقع آنذاك على شعار «إنهاء الانقسام الفلسطيني». إلا ان العناوين المتعددة تحت سقف ما بات يعرف بالحراك الشبابي تعكس وجود حالة الاختلاف على مضمون الحراك بالرغم من الاتفاق الواسع على الأهداف. ولا ينبغي للانطباع السائد بوجود حراك أن يخفي الواقع القائم بأن هناك حضورا (وإن تفاوتت قوته) لعدد من التجمعات الشبابية، الأمر الذي انعكس على القدرة التنظيمية للحراك الشبابي الفلسطيني كحالة اجتماعية - سياسية.
من الجدير هنا ملاحظة أن نسبة كبيرة من الشباب الفلسطيني لا تزال غائبة أو مغيبة عن نشاط الحراك الشبابي على الرغم من القناعة السائدة في أوساط الشباب الفلسطيني بقدرته القيادية وإمكاناته لإحداث التغيير، كما تشير استطلاعات الرأي (من بينها استطلاع مؤسسة «أوراد» 2012). وتدلنا هذه الاستطلاعات على ضعف قدرة الحراك الشبابي على الوصول لأعداد أكبر من الشباب الفلسطيني ضمن إطار منظم. والملاحظة الثانية تتعلق بتراجع قدرة الأشكال القائمة للعمل السياسي على التعبئة والاستقطاب في أوساط الشباب، على الرغم من أن النسبة الأكبر من الشباب الفلسطيني غير مؤطر في أحزاب أو حركات وفصائل فلسطينية، ودائما بحسب هذه الاستطلاعات.
تعزز هذه النتائج ما ذهبنا إليه من أن الحراك الشبابي الفلسطيني يراوح من جهة بين الفرصة البنيوية المتاحة أمامه والمتمثلة بالفراغ السياسي والتنظيمي الذي تركته البنى القائمة جراء عدم قدرتها على الوصول لجمهور عريض من الشباب الفلسطيني، ومن جهة أخرى يترك الانطباع المتزايد بأن هناك عددا من العناوين للحراك، أي اعتباره حراكات، وهو عنصر يحول دون قدرة العمل الشبابي على تسجيل حضوره السياسي والتنظيمي المتمايز والمختلف عن واقع الشرذمة الفصائلي، الأمر الذي يفقد أعدادا كبيرة من الشباب الثقة بقدرة هذه الحراكات على تجاوز الموروث التنظيمي للبنى القائمة، والذي اتسم بالفصائلية والتشرذم، ومؤخرا بالاستقطاب الثنائي والحاد الذي انتقل تأثيره إلى الحراك ذاته، حيث أن جمهوره المستهدف منقسم رأسيا.
إن هذا الانقسام لا يمكن تجاوزه من دون بروز تيار اجتماعي- سياسي وطني، قادر على إضافة عنصر تنوع ذي مغزى يمتلك الاقتدار السياسي والتنظيمي. لذلك، يعتبر السعي لتأطير الحراك الشبابي الفلسطيني تنظيميا وسياسيا على قاعدة التنوع ووحدة الهدف والأدوات مهمة مركزية هدفها الأول هو تحويل حركة الشباب الفلسطيني إلى حراك يمثل طليعة حركة اجتماعية أوسع قادرة على سد الفراغ السياسي وإعادة الاعتبار للسياسة باعتبارها (أي السياسة في الحالة الفلسطينية) أداة تمكين الشعب من القوة اللازمة لإنجاز مشروع التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي. بهذا المعنى لم تتمكن القوى الشبابية المكونة للحراك الشبابي الفلسطيني من تحويل مصدر الاحتجاج العام على الأوضاع السياسية والاقتصادية/ الاجتماعية إلى مصدر للحشد والتعبئة، إذ بقيت مقيدة بتنافر بؤرها رغم تقاطع الأهداف والأجندات، مما حد من إمكانية تشكيل دينامية ديالكتيكية من العلاقة بين التنظيم والفاعلية. وهذا ما يبرز إذا ما نظرنا إلى ما أنجزه الحراك حتى يومنا هذا.

******

ليس من الصعب ملاحظة العمل المتنوع والمنتشر جغرافيا للحراك الشبابي الفلسطيني الذي جسده عدد من المجموعات الشبابية عبر سلسلة من الفعاليات منذ العام 2011. لقد غطت هذه الفاعليات العديد من العناوين ذات الصلة بالواقع الوطني/ السياسي، الاجتماعي، والاقتصادي للشعب الفلسطيني، والتي كانت حتى عهد قريب هي مهمات الحركة الوطنية الفلسطينية. لسنا هنا بصدد الرصد التفصيلي لهذه الفاعليات، فثمة العديد من المساهمات التي توثق هذا النشاط، لكن نشير هنا إلى أهم العناوين:
إعادة هيكلة منظومة العمل السياسي الوطني: لقد نجح حراك الشباب الفلسطيني بتحويل الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني إلى قضية رأي فلسطيني عام، عوضا عن كونها مسألة نخبوية فصائلية مغلقة. إن تلازم حالة الانقسام مع عمليات القمع السياسي والانقضاض على الحريات باسم الحفاظ على شرعية طرفي الانقسام أنتج متلازمة مقابلة ترى في تجاوز الانقسام مطلبا مسبقا لإطلاق طاقات الشباب الفلسطيني واستعادة السمة الديمقراطية للنضال الوطني الفلسطيني.
إعادة الاعتبار لمفهومي الكفاح militancy والعمل المباشر: يعكس الحراك الشبابي وعيا أصيلا بضرورات إعادة صياغة علاقة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي والطبيعة العنصرية لدولة الاحتلال باعتبارها علاقة صراع وليست علاقة تفاهم. إن الإحساس «بالطبيعية» السائد في الأوساط الفلسطينية إزاء واقع الاحتلال والتفرقة العنصرية قابله الحراك الشبابي بنموذج هو نواة لاستعادة المبادرة الكفاحية التي تصوب علاقات الصراع. فمن خلال الفعل المباشر قدم هذا الحراك مرافعة رصينة ضد ذلك الإحساس «بالطبيعية».

التنكيل بالشبان في «قرية الأسرى» بالقرب من جنين.

الديمقراطية والعدالة الاجتماعية: يؤدي الحراك الشبابي دور الصوت العالي حيث تخفت أصوات الاعتراض السياسي على السياسات الفردية والتفرد بالقرار السياسي الفلسطيني من قبل طرفي الهيمنة على هذا القرار؛ «فتح» و«حماس». إن أبرز مظاهر هذا الدور هو النشاط البارز للقوى الشبابية ضد الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة على السواء، والمطالبة المتكررة بتحويل شعار إنهاء الانقسام إلى شعار فاعل من خلال ربطه بمطلب الانتخابات التشريعية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني. يربط الحراك كذلك بين مطلب الدمقرطة ومطالب العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص، حيث يطالب بتمكين الشباب من المشاركة السياسية الفاعلة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد وتطوير النظام التعليمي وزيادة فرص التعلم. إن هذا التقاطع هو مؤشر ذو دلالة بالغة على عملية التهميش المركب للشباب الفلسطيني، الأمر الذي يزيد من الإمكانية الموضوعية للحراك الشبابي ليكون نواة لحراك اجتماعي- سياسي قادر على تجاوز الاختلالات البنيوية في منظومة العمل السياسي الفلسطيني ومهماته الوطنية التحررية. وقد تغيرت بنية الفرص السياسية المتاحة أمام الحراك بفعل انتفاضات العالم العربي، وتراجع حالة القمع والتخويف التي صبغت الحياة السياسية الفلسطينية الناجمة عن الانقسام، ووصول التسوية السياسية مع إسرائيل إلى حالة انسداد. هذه الفرصة ربما بدأت نافذتها تضيق ومعها امكانية تحول هذا الحراك إلى قوة اجتماعية - سياسية شاملة.
الحراك الشبابي، بهذا المعنى، هو الوريث الحقيقي لأبرز سمات الانتفاضة الأولى كفعل جماعي شعبي وديمقراطي أفرز قيادته الشرعية في خضم الفعل الكفاحي. لقد كانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1991) أكبر وأهم الحراكات الاجتماعية - السياسية في التاريخ الفلسطيني المعاصر وفي العالم العربي في الربع الأخير من القرن الماضي. واستطاعت الانتفاضة بتنظيمها الديمقراطي المزدوج، من الأعلى الى الأسفل وبالعكس، أن تصمد بفاعلية لسنوات، وأن تحشد الموارد، وأن تحول مصادر الاحتجاج إلى فعل سياسي مؤثر كان لعنصر البنية التنظيمية دور حاسم فيه، وهو ما لا يتوفر حتى اللحظة للحراك الشبابي الفلسطيني. وفي المحصلة، فإن الحراك الشبابي الفلسطيني يمثل حالة متميزة من ما يعرف بسياسات الاعتراض والفعل الكفاحي، لها خصوصيتها وحدودها، وكذلك فإن أمامها تحديات تقوض من إمكانية تطورها لنموذج قادر على محاكاة النموذج التنظيمي للانتفاضة الأولى.
 

******

لا شك في أن الشباب الفلسطيني هو المركب الأكثر حضورا وفاعلية تاريخيا في العمل الوطني الفلسطيني. وقد كانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى (وإلى حد ما الثانية) هي التجسيد الأبرز لهذه الحقيقة. إلا أن المشاركة الشبابية الفاعلة في إطار الحركة الوطنية - تاريخيا أيضا- كانت مشاركة مؤطرة في بنية سياسية تنظيمية تختلف نوعيا عن هذه السائدة في واقعنا الحالي، والتي يسعى الحراك الشبابي للتمايز عنها. إن التجربة التاريخية، بهذا المعنى، تقدم لنا القليل للإفادة منه على صعيد عملية الحشد والتنظيم الشبابي في الواقع الفلسطيني الراهن، الذي يطرح تحديات موضوعية وذاتية على الحراك تجاوزها ليتمكن من تقديم نفسه كقوة اجتماعية- سياسية رائدة.
على الصعيد الذاتي، يشكل إحجام أغلبية الشبان عن المشاركة الفاعلة في الحياة السياسة والشأن العام عقبة عنيدة أمام تطور القدرات التنظيمية والتعبوية للحراك. تتفاقم هذه المشكلة بفعل غياب الإحساس الجمعي بوحدة الهدف وتماسك الرؤية الاستراتيجية وفاعلية الأدوات التي ميزت الانتفاضة الفلسطينية الأولى. كما لم يتمكن الحراك حتى الآن من امتلاك زمام المبادرة، بخاصة في ظل تشعب وتنوع المهمات واختلاط الأولويات، وهو أمر وثيق الصلة بالطبيعة التنظيمية الرخوة، إن لم نقل المفككة للحراك والنظر إليه كحراكات.
على الصعيد الموضوعي، يبرز تنوع وتركيب المهمات التي يتبناها الحراك باعتبارها أجندته ومبرر وجوده من حيث طبيعتها، ومن حيث تباينها تبعا لمحددات جغرافيا انتشار الشعب الفلسطيني. إن صوغ استراتيجية وأهداف جامعة في ظل هذا الواقع تصبح تحديا لا يسهل التعامل معه ويحتاج إلى قوة دافعة قادرة على تجميع الشباب الفلسطيني حول غاية نهائية. وسيكون على أي جهد جدي لتشكيل حالة فاعلة من الاحتجاج بهدف تغيير الواقع الفلسطيني، إيجاد مثل هذه الصيغة الهيكلية. وتشكل هيمنة البنى السياسية القائمة على الحيز السياسي العام، وعلى المجال التنظيمي الهيكلي للحركة الوطنية بشقيها «الوطني والإسلامي»، تحديا خاصا في هذا المجال. في المقابل، فإن التناقض الظاهر بين التراجع الملموس للفصائل والأحزاب وبين قدرتها على المحافظة على هيمنتها السياسية، يجد تفسيره في حالة المراوحة السياسية للمشروع الوطني التحرري وركود أو تراجع مساحة الفعل الكفاحي المصاحب له. وينتج عن ذلك المشاركة الفصائلية المترددة في فعاليات الحراك، والتي يرى قادة الحراك بأنها تأتي على خلفية محاولة الاحتواء والهيمنة، أو الإقصاء، خاصة أن السقف السياسي للحراك الشبابي يبدو أعلى بكثير من السقف السياسي للبنى القائمة كون الأخيرة مرتبطة عضويا بمنظومة علاقات تجد مبرر وجودها الراهن باستمرار الوضع القائم وإعادة إنتاجه عبر تنويعات تتجنب المس بالتوازنات القائمة، بينما يجد الحراك مبرر وجوده وشرعية مسعاه تحديدا في تغيير الوضع القائم.
إن إدراك الحراك الشبابي الفلسطيني لواقعه ومهماته هو المقدمة الأولى لتحوله إلى فعل جماعي منظم ومؤثر يمكن أن يشكل القوة الدافعة لحراك اجتماعي شامل. يتحتم، بهذا المعنى، على الحراك الشبابي رؤية البعد الحركي الاجتماعي في أهدافه وغاياته، أي شمولية الفعل المنظم للارتقاء بالحراك من حيث قدرته على تجسيد حالة تتماهى معها غالبية الشباب الفلسطيني. وتظهر المراجعات أعلاه توافر درجة متقدمة من الإدراك الشبابي لطبيعة التحديات الوطنية/ السياسية والاجتماعية التي تواجه الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن وجوده، والشباب الفلسطيني بشكل خاص. إلا ان طرح أجندات كبرى تتعدى قدرة الحراك الشبابي في المرحلة الراهنة على تطوير الحراك قد يكون لها انعاكاسات محبطة. وهذا يتطلب أولا تحديد الأولويات: مواجهة الاحتلال أم إنهاء الانقسام، المهمات الاقتصادية- الاجتماعية أم السياسية/ الوطنية، أم إيجاد صيغ كفاحية تدمج بين هذه المهام؟ هذه مهمة تتسم بالتعقيد وتتطلب فتح حوار شامل حول المهام الآنية وتلك بعيدة المدى مع ممثلي الشباب الفلسطيني في جميع أماكن وجوده. ولا يبدو ذلك متاحا في ظل الواقع التنظيمي الراهن للحراك، فهو من التفكك التنظيمي بمكان مما يحول دون قدرته على طرح مقاربة استراتيجية شاملة للقضية الفلسطينية.

*أستاذ مساعد في قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية نابلس.

 
المصدر: 
السفير