تساؤلات الاستقالة ... وما بعدها

بقلم: 

طغى السؤال عن سبب او اسباب استقالة حكومة الدكتور الحمدالله بعد اسبوعين فقط على حلفها اليمين الدستورية على الاسئلة التي رافقت تشكيلها.
حتى لو سلمنا بالتسريبات عن وجود خلافات حول الصلاحيات، فلا يعقل انها تفاقمت خلال اسبوعين فقط الى الدرجة التي تدفع الى الاستقالة .
وما هو حجم هذه الصلاحيات التي لا يمكن حل الخلافات والتفاهم حولها او تدوير زواياها او تنييمها بما يمنع الطلاق في هذه المدة الاستثنائية القصر.
هذا كلام يصعب تصديقه، خصوصا واننا ملوك في تدوير الزوايا والالتفاف على الخلافات، واصحاب قدرة على التعايش معها.
وبنفس المنطق وبانسجام تام معه يصعب تصديق التسريبات ان السبب هو وجود نائبين لرئيس الوزراء ينازعانه صلاحياته، ويقود الرئيس الوزارة من خلالهما. فالنائبان لم يتم فرضهما بعد تشكيل الوزارة وانما كانا في صلب عملية تشكيلها ومنذ البداية، فلماذا لم يتم الاعتراض على عضويتهما بالوزارة او الاتفاق على حدود صلاحيتهما فيها قبل اتمام التشكيل الرسمي لها.
ومرة اخرى، فان عمر الوزارة لا يسمح بتراكم خلافات وتنازع صلاحيات بين رئيس الوزراء ونائبيه لدرجة تفرض الاستقالة.
ثم لماذا يضطر الرئيس الى زرع وكيلين عنه يوجه الوزارة ويضبط اتجاهها عن طريقهما وكأن رئيس الوزراء، وربما وزراءه، مفروضون عليه، وانه ليس هو من اختارهم او وافق عليهم ؟
اذن لماذا حصل ما حصل؟ لا رئيس الوزراء صرح بالاسباب الحقيقية ولا اي مصدر مسؤول آخر، واظننا لن نعرفها ابدا وسنظل في خانة التكهنات واسرى التسريبات غير الاكيدة.
الاستقالة بهذا الشكل تخلق جوا يدفع الكثيرمن الناس الى اثارة تساؤلات .
يتساوى في المتسائلين صنف حسني النية المشغولين بالهم الوطني فقط ، وصنف اصحاب الاجندات الخاصة الذين يهدفون من اسئلتهم زرع الشكوك او الاستفادة منها في تبرير مواقف غير مقبولة لهم .
ابرز الامثلة على الصنف الثاني هو حركة حماس التي تعاطت مع الامر بموقف فيه من الشماتة بقدر ما فيه من تبرير لموقفها ورمي للمسؤولية كاملة على اكتاف السلطة في اطالة امد الانقسام وتعطيل المصالحة.
فقد صرحت بان استقالة الحكومة " تعكس عمق الأزمة الحقيقية التي تعاني منها مؤسسات السلطة نتيجة وجود مراكز قوى وتجاذبات كثيرة وتنازع للصلاحيات كانت وما زالت السبب الرئيس في إطالة أمد الانقسام وتعطيل المصالحة أوصلت إلى هذه النتيجة المتوقعة" .
التسؤلات التي يثيرها الناس هي من نوع :
- هل تم فرض رئاسة الوزارة على الدكتور الحمدالله ولو بالمونة والمخاجلة ثم اعاد الرجل حساباته فقررالاستقالة؟.
- ام هل كان للرجل طموحات اعلى من سقف هذه الوزارة وابعد من دورها المحدود واكتشف بسرعة انها غير ممكنة التحقق فسارع الى الاستقالة؟.
- هل اكتشف الدكتور الحمدالله ان حكومته مطلوب منها تمرير مواقف معينة لا يوافق عليها ولم يكن قد اتفق عليها مسبقا قبل التشكيل فهرب الى الاستقالة؟ مع انه لا شيء بالافق ينبىء بذلك.
- ويبقى السؤال المحمل بالقلق لدى غالبية الناس، هل كنا بحاجة الى هذا المنظر؟.
الا يكفينا ما لدينا من مظاهر ضعف وقلة حيلة وتراجع على اكثر من مستوى؟.
ومع ذلك، فان الحكومة ستبقى في موقع المسؤولية الى ما قبل تاريخ 14/8 بايام قليلة كحكومة تصريف اعمال .
اذن لماذا لا نستفيد من هذه الفترة الزمنية لترتيب امورنا؟
- لماذا لا تتم الدعوة الى اجتماع للمجلس المركزي، تدعى حماس لحضوره ويؤكد على اهمية مشاركة مندوبين مخولين عنها في جلساته؟.
ويخصص الاجتماع لاجل :
- المصادقة على قانون الانتخابات الذي اقرته اللجنة التنفيذية للمنظمة.
واهم ما جاء به القانون هو وحدته وشموليته واقراره مبدأ التمثيل النسبي الكامل واعتماده اراضي السلطة الوطنية دائرة انتخابية واحدة، وهو ما يسحب الفيتو من اي طرف على اجراء الانتخابات ويمكّن اي راغب بالمشاركة فيها بصرف النظر عن موقعه الجغرافي وخضوعه ، ربما ، لنفوذ قوة ترفض المشاركة فيها . ويقر المجلس المركزي ما يلزم من قرارت او لجان تعالج الامور التفصيلية والمتطلبات الموضوعية.
- يقرر الطلب من حركتي فتح وحماس تقديم موعد اللقاء بينهما عن تاريخ 14/8 ما امكن ، في محاولة ان يكون الاتفاق على حكومة الوفاق الوطني التي يرئسها الرئيس ابو مازن جاهزا قبل انتهاء المدة الدستورية للحكومة القائمة.
- يحدد موعدا تقريبا للانتخابات العامة يصدر الرئيس مرسوما بالدعوة لها حال تشكيله حكومة الوفاق الوطني( نهاية العام الحالي او اوائل العام القادم مثلا).
بهذا يكون المجلس المركزي قد وضع القطار على سكته ، ووضع كل الجهات المعنية امام مسؤولياتها ، بامل ان يشارك الجميع .
اما من يمتنع عن المشاركة لأسباب خاصة به، فان قانون الانتخابات المقر يسمح بالمضي باجراء انتخابات عامة وشاملة بدون مشاركته .
ان الانتخابات العامة اضافة الى كونها حق طبيعي اصيل للمواطن الفلسطيني وممارسة ديموقراطية واجبة ، فانها في هذه الظروف بالذات تحمي وحدة شرعية التمثيل الوطني الفلسطيني وتحد الى درجة كبيرة من محاولات القفز عليها.

المصدر: 
الأيام