سيمدار تنفث سمومها

بقلم: 

من التجربة المعاشة يمكن تثبيت بعض الحقائق، منها: أن الاسرائيليين، غير انهم اعداء لخيار السلام من حيث المبدأ، ومسكونين بالاستيطان الاستعماري والسعي لتصفية القضية الفلسطينية، إلآ انهم على صعيد آخر وانسجاما مع ما تقدم، فهم اولا لا يحبون سماع خطاب سياسي عقلاني من الفلسطينيين خاصة والعرب عامة واصدقائهم؛ ثانيا يرفضون ويخشون الكشف عن عوراتهم، وإماطة اللثام عن جرائمهم وسياساتهم وفتاويهم العنصرية؛ ثالثا إدارة الظهر للحقائق، وعدم الالتزام بالقانون والمواثيق والاعراف الدولية، والتعامل بعقلية المارق والبلطجي في المنطقة والعالم...إلخ

وتمشيا مع عقلية المستعمر العنصري، الذي يرفض سماع الصوت الفلسطيني الصادح بالحق والمتمسك بالسلام، نشرت يوم الاثنين الماضي الصحفية الاسرائيلية سيمدار بيري مقالة في صحيفة "يديعوت احرونوت" بعنوان "إنتهى زمن ابو مازن ... فليعد المفاتيح!" نفثت به سمومها وقبحها العنصري، ورددت بكلمات اخرى موقف رئيس الوزراء، نتنياهو، عندما حاولت الاصطياد بالماء العكر بشأ، ما ورد من التباس ثانوي في خطاب الرئيس محمود عباس عن فتوى احد الحاخامات ب"تسميم مياة الشرب الفلسطينية"، والذي لا يلغي وحشية ودموية فتاوي حاخامات "دواعش اليهودية"، ونسيت الاستعمارية سيمدار تلك الفتاوي الداعية لقتل الاغيار وتسميم حياة الفلسطينيين وطردهم من بيوتهم او سرقتها على الملأ وامام العالم كله دون ان يرف رمش اي إسرائيلي. ولا يحتاج المرء ان يعيد لإذهان الصحفية الصهيونية عشرات المجازر من زمن "الهجاناة" نواة جيش الموت الاسرائيلي و"شتيرن" و"ليحي" وصولا ل"شباب التلال" و"تدفيع الثمن" و"لهباه" وما بينها من مسميات. فضلا عن حروب واجتياحات الجيش الاستعماري على محافظات الوطن الفلسطيني عموما وخاصة قطاع غزة ومدينة ومخيم جنين وإعادة إحتلال الضفة الفلسطينية في مطلع نيسان 2002، التي قتل فيها الاف الفلسطينيين من الاطفال والنساء والشيوخ والابرياء وتدمير عشرات الاف من المنازل والمؤسسات التربوية والصحية والاممية عن سابق تصميم وإصرار.

بيري العنصرية ضاقت ذرعا بدفاع الرئيس ابو مازن عن حقوق الشعب العربي الفلسطيني، وتخشى إسوة بكل قادة إسرائيل حتى سماع صوته، لانه صوت الحق والعدالة، فكتبت تقول "يا ابو مازن ... كفى ، إنتهى زمنك. فقد اثبت امام العالم الواسع بأنك حقا لست شريكا. مللنا سماع صوتك." وأضافت في آخر مقالتها، بعد ان ردحت لرئيس منظمة التحرير لعدم لقائه الرئيس الاسرائيلي ريفلين، فقالت "اخمن انه يثير اعصابك، ان تسمع أن إسرائيل (وإيضا مصر، الاردن والسعودية وحتى وزير الخارجية كيري) يستعدون لليوم التالي لرحيلك؟ يثير اعصابك ان تقرأ ان ليبرمان يدفع باتجاه محمد دحلان، احد لا ينسى، عندنا وعندكم، انه حتى في نظر الدستور الفلسطيني، فإنك رئيس غير شرغي."من المؤكد، ان بيري، هي وقيادتها الفاشية، الذين فقدوا اعصابهم نتاج تمسك الرئيس عباس بخيار السلام، ودعمه وتبنيه لاي جهد دولي يدفع لبلوغ حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وبقاء صوته عاليا في كافة المنابر والمحافل العربية والاقليمية والاممية، ليواصل فضح وتعرية وجه إسرائيل، كدولة مارقة وخارجة على القانون امام العالم اجمع بما في ذلك في الاوساط الاميركية وقبلها الاوروبية والروسية والامم المتحدة. وبالتالي قلب الحقائق لن يجدي سيمدار نفعا، ولا يفيدها بشيء، لان العالم، الذي اجتمع في الثالث من حزيران الحالي في مؤتمر باريس لدفع عملية السلام، ورفضته حكومة الائتلاف اليميني المتطرف الاسرائيلية جملة وتفصيلا، اكد بشكل مباشر ان مواصلة الاستيطان الاستعماري في اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967، هو السبب الرئيسي، الذي عطل ويعطل خيار السلام، وهو ما يعني غياب وانتفاء وجود شريك إسرائيلي لبناء صرح التسوية السياسية.

فضلا عن ذلك، رئيس الشعب الفلسطيني يستمد شرعيته من الاتي: اولا هو الرئيس المنتخب من قبل الشعب؛ ثانيا كونه رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني، والذي جدد له المجلس المركزي شرعيته، رغم شرعيته المستمدة من الشعب؛ ثالثا كونه المنادي بشكل دائم لاجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، واعلانه دون مواربة او غموض، بالاستعداد الفوري لترك موقعه فور إجراء الانتخابات، لاسيما وانه اكد ايضا عدم رغبته بالترشح لولاية جديدة. وبالتالي لا انت ولا نتنياهو ولا اي قوة في العالم يمكنها التقرير بانتهاء زمن الرئيس عباس، إلآ اذا لجأتم لعملية اغتيال له، كما فعلتم مع الرئيس الرمز الشهيد ابو عمار عندما سممتموه. اضف الى انه لا يحق لك الادعاء بالحديث باسم الاشقاء العرب ولا باسم وزير الخارجية الاميركي او غيره. لانهم اولا يرفضون تنصيب نفسك المتحث باسمهم؛ وثانيا ولانهم يعتبرونه عنوان الشرعية الفلسطينية ورمزها الاول، ولا يتعاملون مع احد غيره، فمن اذا الذي تثار اعصابه، ويفقد عقله، ويتخبط في سياساته العدوانية الرئيس ابو مازن ام نتنياهو وبينت وليبرمان واريئيل وشاكيد وريغف وباقي جوقة اليمين الصهيوني المتطرف؟ سيبقى الرئيس محمود عباس غصة وشوكة في حلقك وحلق قيادتك الفاشية، ومن انتهى زمنه وولى، هو الاحتلال الاسرائيلي، الذي يجب ان يغرب مرة والى الابد..