الدبكة: بين التراث والعهر
لمَ كل هذا الهول والتهويل على دبكة طلبة جامعة بيرزيت؟ لم شن كل هذا الهجوم على الشباب والشابات؟ من يقف وراء كل هذا الكم من الغضب الجامح؟ ما الذي يريده الغاضبون؟ وما الذي يريده الراقصون؟ هل هذا الغضب ناتج عن احتقان بالشارع من دبكات سابقة؟ ما الضير في دبكة في ساحات الجامعة؟ فالدبكة في ساحة الجامعة؟
فالدبكة في غياب الارض والحل والافق تبقى المحرك الوحيد الباقي للتعبير عن النفس في ظل الكبت القائم .
كبت يغيب الحل عنه. وكبت يفجع القلوب في استمرار هدر الدم.
كبت تبقى الدبكة الشعبية تضرب الأرض بنبض الانسان الفلسطيني الذي يصر على اختيار الحياة.
هل الغضب ناجم عن تزامن الدبكة وقافلة الشهداء المحملون الى رفاتهم الاخير خروجا من الثلاجات ؟
لقد حمل الشعب الشهداء وزفوهم في احتفالات تأبينية وكأنهم يزفون عريس؟
هل كانت تلك الزفات فرحة ؟
هل تعبر الدبكة عن حالة فرح؟
ما الذي نريده من انفسنا كشعب؟
في غياب السلطة والقيادة الواضح من الشارع الفلسطيني في ظل هذا الوضع. يترتب علينا أخذ زمام أنفسنا بوعي ومسؤولية أكبر.
بعد هذه الأشهر من الهبة التي لا زلنا نختلف على تسميتها. نتفق على الأقل أن الخسارة فادحة. الخسارة في كل شهيد وأسير وبيت يهدم وتضييق وتخنيق وتنكيل متزايد.
لم أعد أر في كل هذا الموت انتصارات
لم يكن الموت أبدا انتصار. ولن يكون.
ولكن من أجل كل هؤلاء الذين يقدمون من أنفسهم قرابين لهذا الوطن المفجوع الذي لا يكف الاغتسال بدموع الامهات .
لنتوقف قليلا ونراجع انفسنا .
الحياة خيار كما هو الموت في حالنا الفلسطيني .
فلما كل هذا الصياح المفزع من اجل دعوات الموت .
كلنا نخرج اليوم من بيوتنا نودع ابناءنا وفلذات قلوبنا من احباب واصدقاء ولا نعرف ان كنا سنرجع ام كانوا هم سيرجعون.
كل اولئك الذين ارتقوا في قوافل الشهداء كانوا قبل لحظة ارتقائهم يحاولون الحياة..
موتهم وقتلهم.. شهادة نزعت غاشمة للحياة ليس بها اي خيارات .
اولئك الزاعقون المنهمرون في صب جماح غضبهم على لحظة تعبير عن النفس في تشابك ايدي شباب وصبايا في لفتة تراثية فلسطينية بجدارة . إن كانوا بكل هذا القدر من التعطش للموت فليخرجوا هم انفسهم للموت .
لما يصيحون ويدعون غيرهم للتضحية بأنفسهم.
ألا يكفينا هوان القيادة ..فتهونوا علينا …
ارحمونا .
نحن نحتاج أن نقف الي جانب بعضنا كشعب.
ألا يكفي أننا مهمشون من قبل قياداتنا ويتم تهشيمنا وتصفيتنا من قبل الاحتلال؟
قد تكون الدبكة أقوى من رمي الحجارة .
وهذا لا يعني الا يرمى الحجر.
على الرغم من انه وبعد كل هذه الاشهر فلقد صار الحجر كالرمل يرمى ويرش رذاذه على وجوهنا .
بعد آشهر من الطعن . يموت ابناؤنا وقيادتنا تقف موقف المتفرج لا يخرج منها حتى تصريح او تنديد او مواساة او مؤازرة .
نعيش بواد منفصل عن القيادة ، ونعيش بانفصام فيما بيننا بين رغبتنا بالحياة وتوجسنا منها .
يغيب عنا التعقل والتفكر …
ما الذي يجري ؟
ما الذي نريده ؟
ما الذي يريده اولئك المعترضون الهائجون وكأن الدبكة صارت طقس من طقوس الدعارة او الفجور.
ما يجري من ردود افعال هو الفجور بعينه.
الا يكفي اننا مستباحون من قبل الاحتلال ؟
منذ متى وكانت أخلاق هذا المجتمع بهذا العهر بالتعبير؟
لماذا نرجع بأنفسنا وثقافتنا الى الوراء ؟
تخرج هذه المهاترات المهينة لنا كشعب من اولئك رواد الفيس بوك والمتبحرين بشبكات التواصل الاجتماعية ، وان عبرت في صفحاتهم ترى العجب والهول من إثارات ومثيرات وتهييج للقتل والذبح.
من يجد في الدبكة بهذه الحالة إثارة . فليتق الله في نفسه ويدرأ عن نفسه الذنوب ويحجب نفسه عن النظر والتواجد.
من يشعر بهذا التعطش للموت فليخرج … فثورة السكاكين سهلة وكذلك ثورة الدهس. أنهوا حياتكم ..لعلكم تجدون في الموت حياة ترضيكم وترضى بكم.
وسنبكيكم ونرثيكم فلا تقلقوا ….
لا تحولوا التراث إلى عهر في صياحكم….
ما يجري مسيء لتراث ولدين ولشعب ولبطولات كثيرة…
أخرجوا داعش من رؤوسكم وارجعوا الوطن