وأخيراً ستجرى الانتخابات المحلية..!

امتزجت مشاعر التفاؤل بمشاعر التشاؤم من خلال صدور قرارين يتصلان بعملية المصالحة والانتخابات. في الخامس من تموز قامت حركة حماس بالإعلان عن وقف عملية تحديث السجل الانتخابي كشرط إجرائي يسبق الانتخابات، وفي العاشر منه قرر مجلس الوزراء إجراء الانتخابات المحلية في تشرين الأول القادم. لقد لقي قرار مجلس الوزراء بشأن إجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية صدى إيجابياً وارتياحاً عاماً مشوباً بشيء من القلق. مصدر القلق وإن كان يعود لقرار حركة حماس المفتَعل بوقف تحديث السجل الانتخابي في قطاع غزة، لكني لا أخفي بأن بعض القلق نتاج وثمرة لقرارات اتخذت لإجراء الانتخابات المحلية سرعان ما طُويت، لكن الذاكرة لم تطوِها ولم يحن الوقت لوضعها في سلة المحذوفات.

ما رفع من منسوب الارتياح لا يعود فقط إلى كون القرار يستجيب لقرار محكمة العدل العليا بهذا الخصوص، بل لأنه وبالدرجة الأولى يعيد الاعتبار والحق الديمقراطي للمواطن ولحريته في اختيار ممثليه في هيئات لها طابعها الخدماتي بالدرجة الأولى والتي لا يعلم إلا الله بؤس الحالة التي وصلتها إجمالاً..

ومن هنا لا بد للقرار أنْ يضع حداً لإجراءات التعيين والدمج الجارية على قدم وساق أمام انتهاء فترة الولاية الزمنية لجميع هذه الهيئات بدون استثناء وتحديداً تلك التي مضى عقود على آخر انتخاب فيها ونموذجها الفاقع تعيينات بلديتي الخليل وطولكرم. أهمية القرار كذلك تتمثل في تحديد يوم العشرين من تشرين الأول موعداً لإجراء الانتخابات في كافة أنحاء الوطن، الأمر الذي ينطوي على إجابة وطمأنة مسبقين للتساؤلات المثارة إثر القرار بقانون الذي ترك للوزارة تحديد مواعيد الانتخابات، مع كل ما يكتنف ذلك من احتمالات التدرج المتباعدة أو الانتقائية كما حصل في المحطة الانتخابية الأولى أو تكريس إجراء الانتخابات التدريجية والمرحلية.

وإذا كان قرار مجلس الوزراء يحدد يوماً موحداً في جميع المواقع، فان الانتباه العام مشدود نحو ما أقدمت عليه سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة بوقف عمل لجنة الانتخابات المركزية في تحديث السجل الانتخابي التي استبشر المواطنون خيراً بالخطوات الأولية التي بوشر فيها مؤخراً.

فربط هذه الإعاقة غير المبررة بالجداول الزمنية أو بالمناكفات ذات الصلة بمشاريع المصالحة يضعنا من جديد أمام استغلال حالة الانقسام الكارثية لزيادة منسوب الاعتداء على حقوق المواطن والحريات العامة، بديلاً لضرورات تعزيز ذلك ولأهمية تمكين المواطنين الناخبين من اختيار ممثليهم بمعزل عن ربطها بأية انتخابات سياسية أو وطنية عامة. فمثل هذه الإعاقة يصعب تفهمها وتبريرها، وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية عن تعذر عملها في القطاع، وبالتالي استثناء تلك المجالس من الانتخابات مع إقرار متابعتها في وقت لاحق.. المرئي في هذه الانتخابات أنها ستجرى في حوالي ثلاثمائة مجلس بلدي وقروي في الضفة الغربية بما فيها القدس، وبعضها عانى من الإشكالات المختلفة في شدتها ونوعها، الأمر الذي يتطلب من الجميع الإخلاص لهدف منع انعكاسات الآثار السلبية لبعض الإجراءات البديلة في المرحلة السابقة، وهي الإجراءات التي تستدعي مواقف واضحة ومعلنة من قبل لجنة الانتخابات المركزية ووزارة الحكم المحلي وسائر القوى والمؤسسات الأخرى المعنية.

ويتصدر الإجراءات المطلوبة إضافة الى التوقف التام عن أية تعيينات جديدة لأية مجالس تفقد أحد مقومات استمرارها قبل موعد الانتخابات مع الانفتاح على إمكانية اعتماد هيئات تحضيرية مؤقتة ومتوافق عليها في حال الغياب التام لأي من المجالس القائمة. كذلك لا بد من وقف عمليات الدمج بين المجالس البلدية أوالقروية إلى ما بعد استكمال الانتخابات المحددة والمعلنة. وفي هذا السياق فإن المجالس البلدية التي جرى استحداثها بعد الدمج تطرح آلية الانتخاب لمجالسها بما يضمن الجانب القانوني وعدم مصادرة الحق الديمقراطي للمواطنين عموماً أو إلحاق الغبن بالمجالس الأقل عدداً من حيث ناخبيها.

وهنا لا بد من الإشارة الى وجود حالات مشابهة نسبياً موجودة قبل إجراءات الدمج الأخيرة كبلدية الزيتونة التي تجمع ما بين المزرعة الغربية وأبوشخيدم أو بلدية بني زيد التي تجمع ما بين عارورة وعبوين.. دون إقصاء فكرة إقرار صيغة هيئة وسيطة موسعة نسبياً كحصيلة انتخاب منفرد لكل من المجالس قبل الاندماج. أسئلة المجالس المحلية كانت ولا زالت مفتوحة، سؤال اكتساب دروس التجربة السابقة وعبرها والالتزام بإصلاحها.. ومدى الاستعداد للالتزام بما أفرزته من استخلاصات من بينها ما يتصل باختيار المرشحين الأفضل لإنجاز المهام.. أم سنذهب لإعادة إنتاج ذات المركبات التي سجلنا الإنجازات لبعضها والإخفاقات على غيرها ..ولحديث الانتخابات القادمة بقية..