دلال..بين الأهل والزواج والطلاق..قصة أحلامٍ تحولت لكابوس

دعاء نوفل
زمن برس، فلسطين: كثيراً ما تبقى الفتاة في مجتمعنا مقيدةً بقيود العادات والتقاليد والأهل، وكثيراُ ما تُجبر الفتاة على عيش الحياة بشكلٍ لا يمثلها ولا يعبر عنها، الأنسة دلال لها قصة وتجربة خاصةً مع هذا المجتمع، فقد عانت منه الكثير وربما كان سبب نجاحها هذا.
المجتمع يقتل طموحها فقط لأنها أنثى:
دلال كانت دوما تحلم أن تصبح كاتبة روائية، تأكل الكتب والروايات لشغفها بهما، لم تتردد يوماً في المشاركة بالمؤسسات التي تُعنى بمتابعة الناشئين والكتاب الصغار، لكنها لم تستطع يوماُ أن تستمر لأكثر من أسبوع، و قالت" أول مرة سجلت فيها بمؤسسة كان طاير عقلي من الفرح وكنت متأكدة إني مش رح أترك هالمؤسسة إلا وأنا كاتبة مهمة/ بس لما رجعت على البيت وحكيت لأهلي، بهدلوني ومنعوني أرجع هناك، لأنهم حكولي: هادا المكان مش للبنات المحترمات روحي شوفي شي تاني ينفعك أحسن".
وأضافت" صرت بعدين أشارك بمنتديات وفعاليات ومؤسسات وما أحكيلهم بس لليوم ما بعرف كيف كانوا يعرفوا ويمنعوني، أخر مرة حبسوني بالغرفة أسبوع وحكولي ازا ما بتتعلمي وما بتعيدها ما إلك طلعة من البيت أبدا". حينها قررت دلال العيش كما يحلو لأهلها ولمجتمعها بعيداً عن أي حلم وأي طموح سوا إنهاء دراستها الجامعية و اكمالها الماجستير في مجال العلوم السياسية، بعد أن حصلت على شهادة بكالوريرس في التاريخ، لكن أهلها أكتفوا بشهادتها الجامعية الأولى ومنعوها من إكمال تعليمها، ز قالت" علقت أمي على نبأ رغبتي بتقديم ماجستير بالعلوم السياسية قائلة: مش ضايل إلا تسجلي علوم سياسية وبس تسمعي أبوك يحكي بالسياسة تحكيلو لا أنت بتحكي غلط ومش فاهم صح، بدك تجلطيني ياه ، أنتِ مش رح ترتاحي ازا ما عملتيلنا مصيبة".
ليست كل الحلول كما نشاء:
لم تجد دلال أي حلٍ يريحها ويريح أهلها، سوى الهرب من هذا البيت، لكن الهرب في مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا لا يكون لهذه الأسباب، فإن هي هربت لن يقتنع أحدُ ببرائتها من أي جريمة شرف، لذا قررت أن تختار الهرب الأخر، ذلك الهرب المسموح به إجتماعياً وعائلياً وإن كان غير مسموح به على صعيد جوارحها وقلبها، فقررت أن تتزوج أول من يتقدم لخطبتها، ولم تفكر حتى في الجلوس معه ومناقشته بل فوراُ قررت" أنا بدي أتزوجو حتى لو كان غبي".
لم يكن هذ الخيار هو الخيار الصحيح لدلال، لإنها بعد زواجها بشهر اكتشفت انها ألقت بنفسها في البركان، وأتضح لها فيما بعد أن الحياة في بيت أهلها أفضل وأقل معاناةً من حياتها هنا، كان زوجها يأتيها بساعاتٍ متأخرة من الليل وآثار السكر واضحة عليه، ينهال بها ضربا وصراخاً ويسجبها إلى السرير غير راضية ويضربها ويفعل بها ما يحلو له، ثم ينام كثور هائج.
فتاة مطلقة في منزل والداها:
كان الطلاق هو الحل الوحيد والعودة لبيت الأهل هو الخيار الأفضل، فالحياة في بيت والداها بعيداُ عن رائحة هذا الزوج النتن ورائحة شرابه هي ل ما تحلم به، لكنها لم تلقً الترحيب الذي كانت تحلم به، ولم تجد ما يجعلها تفرح لقرارها ذلك ، وعن ذلك قالت:" رجعت لبيت أهلي مبسوطة بحالي بس ما كنت أتخيل انهم رح يصدوني ويحكولي جوزك قبرك، و ازا ما بدك ياه لإنو سيء جيبيلو ولد يتسلى فيه أو انتِ بتتسلي وبتنسي".
لم تشأ دلال أن تنجبب طفلاً وتسلمه لهذا الرجل، لم تشأ أن تعرض ابنها لحياةٍ خطيرةٍ قد تودي به الى الهلاك ، وأضافت:" انا ما عندي استعداد اجبلو ولد يربي يطلع متلو او يأذيه بأي طريقة كانت، بعدين هادا ابني مستحيل أرمي بوجه النار، لهيك أنا قررت اطلب الطلاق و اذا أهلي ما بدهم ياني، انا بفتش على شغل وبيت".
كانت تظن أن أهلها وبعد أن أصبحت مطلقة سيسمحون لها بالعيش بينهم بالشكل الذي كانت تحبه، أو بأسوء الأحوال كما كانت تعيش، لكنها وعند عودتها الى منزل أهلها وجدت لديهم مخططات تقضي بزواجها من ابن عمها المتزوج امرأتان، حيث قالت" كان نقصني يجوزني هالنسونجي مشان يخلصوا مني، قال هم البنات لممات، ناسيين إنو هادا الهم سببو الوحيد الأهل".
الاستقرار وبناء الذات:
أصبح عمر دلال الأن 25 عاما وهي مطلقة وتسكن في منزل أهلها ويحاول والداها إقناعها الزواج من ابن عمها دون أي جدوى، فقررت فيما بعد ان ترحل من بيت أهلها وتكون بيتاً خاصاً بها، لكنها حتماً لم تنجح في ذلك، وقالت" ما ضل قدامي ولا حل إلا أتزوج ابن عمي هو حالتو الماداية كويسة وبقدر يسكني في بيت لحالي بعيد عن نسوانه وانا بغيابو بدرس وبكتب. وهذا ما كان فعلاُ فقد استطاعت ان تحصل على شهادة الماجستير وبرضى وقبول من زوجها الذي لم يجد مانعاً من أن تكمل زوجته تعليمها خاصة أنه وزوجاته لا يملكون من العلم إلا القليل، فكان يرى فيها الجانب الذي ود تحقيقه يوماُ.
الموت سيد المواقف:
بعد زواج دلال من ابن عمها ب5 سنوات وإنجابها منه بنتا صغيرة، توفي زوجها نتيجة حادث سيرٍ مروع، رغم حزنها الشديد عليه إلا أن أهلها قرروا إرجاعها لبيتهم من جديد، وكأن هذا الكابوس لا ينتهي، لكن دلال هذه المرة رفضت فلديها ما تقاوم وتحارب من اجله، وبعد صراع ونزاع طويل قرر والدها تركها في البيت مع شقيقها الصغير، وتزويجه في بيتها!
دلال الأن:
لا زال شقيقها وزوجته يعيشون في بيتها وهي الآن تعمل مدرسةُ في احدى المدارس الخاصة القريبة منها، ولا زالت تربي ابنتها البالغة من العمر 6 سنوات، تقول السيدة دلال: يمكن ما تكون هاي الحياة الي تمنيتها طول عمري بس على الأقل صار عندي بنت من خلالها بقدر أحقق أحلامي وان شاء الله بشوفها دكتورة.
هكذا هي أحلام الإناث في مجتمعنا، لا يمكن أن تتحقق بالشكل المطلوب، بل تتغير وترسم منحاُ أخر في القلوب، كم نود أن يصبح واقع المرأة في حياتنا أفضل وأن لا تبقى مجرد حجر شطرنج نحركه كما نشاء