التفافة ابو مازن

الرئيس

ما الذي دفع أبو مازن الى تغيير الاتجاه بعد أن كان قرر التوجه الى مزيد من المؤسسات الدولية؟

آفي يسسخروف

عصر يوم الاربعاء التقيتُ برئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن في مكتبه فيرام الله. قبل ليلة من ذلك كان عاد من زيارة الى فنزويلا وقبل ذلك الى لندن. وكان في الغرفة د. زياد ابو عمرو، الذي لا يعتبر رجل فتح ولكنه مع السنين أصبح أحد الرجال الاساس في تصميم سياسة السلطة وم.ت.ف وبالطبع الناطق القديم نبيل ابو ردينة الذي رافق ياسر عرفات لسنوات طويلة.

أبو مازن كعادته تحدث بانفتاح كبير لا يكف عن المفاجأة. روى في المقابلة التي نشر أساسها في موقع ‘والا’ للاخبار بأن السلطة ستمتنع في الفترة القريبة القادمة عن طلب العضوية من مؤسسات الامم المتحدة أو المنظمات الدولية. وفاجأني هذا القول. فعلى مدى أسابيع ونحن نسمع بان في نية السلطة التوجه الى 48 منظمة دولية (بعد أن توجهت منذ الان الى 15) فور فشل المفاوضات وعدم تحرير السجناء. وها هو، دون تفسير يقرر أبو مازن تعليق التوجهات الى الامم المتحدة. حاولت بالطبع أن أفهم ما الذي يقف خلف القرار، ولكن ابو مازن لم يوافق على التوسع. وشدد فقط بان هذا ليس قرارا سيتواصل تطبيقه الى الابد. وقال: ‘هذا وفقا للظروف. هيا نرى ما سيحصل ونعمل بناء على ذلك’. قبل اسبوع من ذلك التقى ابو مازن في لندن وزيرة العدل تسيبي لفني ووزير الخارجية الامريكي جون كيري. وضحك عندما سألته عن تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أن زيارة لفني كانت بناء على رأيها الشخصي فقط. وشرح هو ورجلاه بان مثل هذا اللقاء ما كان سيتم خلافا لموقف رئيس الوزراء. فقد كان اللقاء منسقا منذ زمن بعيد قبل ذلك، كما شرحوا. وشددوا على أنهم اقترحوا على لفني عدم نشر شيء. ‘قلنا اذا أرادت فسيدعون بانهم التقوا بالصدفة خارج مصعد الفندق ولكن البيان صدر عنكم’.

لم يرغب ابو مازن في التوسع بشأن ما قيل بينه وبين لفني. ‘طلبت ان نخرج كل المساعدين وبقينا وحدنا. حتى عريقات خرج. تحدثنا غير قليل عن السجناء. قالت اننا لم نفهم الموقف الاسرائيلي كما ينبغي. ولكن هذه امور اتفق عليها من اللحظة الاولى. فكيف حصل أننا لم نفهم فقط في نهاية العملية؟’.

أبدت ملاحظة في أنه قد تكون الوساطة الامريكية الحقت ضررا ولم تجد نفعا فقط. فابتسم أبو مازن نحو زياد ابو عمرو، وكأنهما بحثا في هذه المسألة بينهما من قبل.

ولعل المشوق أكثر من كل شيء بشأن اللقاء هو ما الذي قيل بالضبط هناك ودفع أبو مازن الى أن يقرر ألا يتوجه الى مؤسسات الامم المتحدة؟ فهل يحتمل أن يكون اللقاء مع لفني أدى الى توافق هادىء بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية في هذا الموضوع؟ واذا كان كذلك، فان السؤال الذي ينبغي أن يطرح هو ما الذي تعهدت به اسرائيل في المقابل؟ هل اقترحت اسرائيل شيئا ما مثل تجميد هادىء للبناء/تحرير سجناء، أم ربما ببساطة طلبت مهلة تفحص فيها الامكانيات المختلفة كـ ‘مقابل مناسب’؟.

ادعى مصدر فلسطيني كبير تحدثت معه بشدة بان الفلسطينيين لم يتلقوا شيئا بالمقابل. ‘كانت هذه بادرة طيبة من جهتنا لجون كيري. فقد طلب في لقائه مع أبو مازن في لندن أن نوقف التوجه الى المؤسسات الدولية حاليا كي نسمح باستئناف المحادثات وربما ايضا بخطوات أكبر، ومن هنا موافقة ابو مازن على الخطوة’.

المصاعب في الطريق الى الوحدة

اذا لم تكن مفاجآت استثنائية، ستعرض الاسبوع القادم حكومة ‘التوافق الوطني’ الفلسطينية. وعندما سألت أبو مازن اذا كان سيترأسها قال انه لا يوجد اتفاق نهائي بعد. ‘يحتمل أن يكون هذا رامي الحمدالله، ولكن في كل الاحوال ستكون هذه حكومة تنفذ سياستي. ولن تتدخل في الشؤون السياسية’. وعرض المبادىء التي ستوجه الحكومة الجديدة. ‘ستعترف باسرائيل، ستعترف بالاتفاقات الموقعة معها وسترفض الارهاب والعنف. لن يكون فيها أحد من حماس أو فتح. كلهم مستقلون’.

وقد روى عن ذلك للفني وكذا للادارة الامريكية وأوضح لهم بان هذه ستكون خطوط التوجه. وعلى حد قوله، لم تبدي لفني حماسة في اللقاء، على اقل تقدير. ‘على مدى سبع سنوات ونحن نحاول الوصول الى وحدة. سبع سنوات وأنتم تواصلون الادعاء بانكم فوجئتم. ممَ فوجئتم؟ هكذا ايضا بالنسبة لتوجهنا الى 15 مؤسسة دولية. أنا شخصيا بعثت رسالة رسمية الى اسحق مولخو ومارتين اينديك، قبل يومين من التوجه، حذرت فيها من أنه اذا لم يتحرر الثلاثون سجينا فاني سأتوجه الى هذه المؤسسات. مر يوم، مر يومان، وأبقيت كل القيادة الفلسطينية هنا في المقاطعة في حالة توتر دون أن اشرح لماذا’. وعلى حد قوله، عندما فهم بان الطرف الاسرائيلي يتملص من اعطاء جواب، قرر التوجه الى الـ 15 مؤسسة.

ولكن هذا لن يكون بسيطا بالنسبة لابو مازن. فحتى لو أمل بأن تقبل الاسرة الدولية الحكومة الجديدة برئاسته فانه سيواجه مشكلة غير سهلة مع الكونغرس الامريكي الذي يسيطر على أموال المساعدة للسلطة.

ويمكن لابو مازن أن يدعي بان هذه حكومة ليس لحماس أي تأثير فيها على الاطلاق. وبالمقابل سيكون هناك ما يكفي من اعضاء الكونغرس ممن سيدعون بانه يكفي ان يكون البرلمان الذي تسيطر فيه حماس يقر تركيبة الحكومة كي يكون هذا ‘تأثيرا كبيرا’. وقد وجد السبيل للتغلب على هذه المشكلة والحكومة ستؤدي اليمين القانونية أمامه وليس أمام البرلمان.

ومرة اخرى، سيوجد أعضاء كونغرس آخرون سيدعون بان موافقة حماس على تشكيلة الحكومة بحد ذاتها معناها أنه يوجد للمنظمة ‘تأثير كبير’ عليها. وهنا يقف ابو مازن اما مشكلة حقيقية: حماس بالفعل تقر تشكيلة الوزراء في الحكومة. معنى الامر هو أن كل واحد من الوزراء يجب أن يقبل البندين اللذين يظهران في القانون الذي وضعه في حينه نائب الرئيس الامريكي جون بايدن.

إذن هذا بالنسبة للمادة 2 التي اعلن أبو مازن بان الحكومة برئاسته ستقبلها. أما المادة 1 التي تتضمن صيغة ‘الدولة اليهودية لاسرائيل’ فانها لن تمر لدى أبو مازن ولا لدى أي جهة اخرى في الطرف الفلسطيني.

أبو مازن على علم بالمصاعب التي على الطريق. ‘نحن نريد الوصول الى الانتخابات’، قال، ‘اذا تشوشت الامور حتى ذلك الحين، فسنعرف كيف نتصدى للاثار’.

معاريف