هيمنة "إيباك" رغم ارتخاء قبضتها
من الأمثلة التي تدلل على أن "إيباك"، بدأت تفقد سيطرتها في الولايات المتحدة . من ذلك أنها فشلت في محاولاتها لوقف تأكيد تعيين تشاك هاغل وزيراً للدفاع؛ وأخفقت في السعي إلى دفع الجيش الأمريكي لمهاجمة سوريا، كما تفشل الآن في جهودها لعرقلة المحاثات النووية مع إيران .
وكانت "إيباك" تتفاخر في ما مضى، بأنها تستطيع خلال أربع وعشرين ساعة، أن تحصل على تواقيع 70 من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، على منديل من مناديل المائدة، لو أرادت ذلك . ولكنها لم تتمكن هذا العام من حشد أكثر من 59 مؤيداً لمشروع قانون "س .1881"- (الداعي إلى فرض عقوبات جديدة على إيران)، علماً بأن هذا الدعم، لا يكفي لحمل السناتور هاري ريد (زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ)، على تقديم مشروع القانون للكونغرس، أو تجاوز تهديد الرئيس باستخدام الفيتو ضدّه .
ومن العلامات الأخرى على تراجع تأثير "إيباك"، أن الرئيس باراك أوباما، ونائبه جو بايدن، لم يَحضرا مؤتمر منظمة "إيباك" الذي يُعقد هذا العام في العاصمة واشنطن، 2-4 مارس/ آذار الذي يحضره رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، علماً بأنهما دأبا على حضور المؤتمر، وإلقاء كلمة فيه، خلال السنوات الماضية .
ولكن هذا لا يعني أن منظمة "إيباك" قد لفظت أنفاسها الأخيرة، فهي ما تزال تتمتع بعضلات قوية، وسوف تستمرّ في محاولات عرضها .
- إن دعوة "إيباك" إلى تقديم دعم غير مشروط للحكومة "الإسرائيلية"، تقوّض احتمالات التوصل إلى حل تفاوضي بين "الإسرائيليين" والفلسطينيين . فهذه المنظمة، تدعم السياسات "الإسرائيلية" المخالفة للقانون الدولي بصورة مباشرة، ومن ضمنها إقامة المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، ومصادرة الأرض الفلسطينية ببناء "جدار الفصل" الأسمنتي العنصري، بارتفاع 26 قدماً، الذي يمتدّ عبر الضفة الغربية .
- نشرت منظمة العفو الدولية، في 27 فبراير/ شباط، تقريراً يتضمن تفاصيل مفزعة عن استخدام "إسرائيل" القوة المفرطة في الضفة الغربية . ودعم "إيباك" لهذه الممارسات غير الشرعية، بمنزلة رفض مباشر للتوصل إلى حل تفاوضي للصراع الفلسطيني/ "الإسرائيلي" .
- إن تأثير "إيباك" على السياسة الأمريكية - والضغط عليها لتقديم دعم غير مشروط ل"إسرائيل"، يُذكي المشاعر المناوئة لأمريكا حول العالم، ويهيئ الفرصة لشن مزيد من الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة .
- إن "إيباك" تُحول الولايات المتحدة إلى بلد منبوذ في الأمم المتحدة . وهي تصف الأمم المتحدة، بأنها هيئة معادية لدولة "إسرائيل"، وقد ضغطت على الحكومة الأمريكية لكي تعارض القرارات الداعية إلى محاسبة "إسرائيل" . ومنذ عام 1972- استخدمت الولايات المتحدة حق النقض - الفيتو - ضدّ 44 قراراً من قرارات مجلس الأمن الأممي التي تدين أعمال "إسرائيل" ضدّ الفلسطينيين .
- تهاجم "إيباك" الساسة الذين يعترضون على الدعم غير المشروط ل"إسرائيل" . وتطالب الكونغرس الأمريكي، بالموافقة دون جدال على التشريعات التي يصيغها أعضاؤها .
- تحاول "إيباك" إسكات كل انتقاد ل"إسرائيل" . فقد اتهمت صحفيين، ومراكز أبحاث، وطلاباً وأساتذة جامعات، بأنهم معادون للسامية، لمجرد اتخاذهم مواقف منتقدة لسياسات الحكومة "الإسرائيلية" . وهذه الهجمات تخنق الجدل والنقاشات الناقدة التي تشكل صلب صنع السياسة الديمقراطية .
- تغذي "إيباك" مسؤولي الحكومة الأمريكية بوجهة نظر مشوهة عن الصراع الفلسطيني/ "الإسرائيلي"، وتقوم بترتيب زيارات ممتعة ومبهرَجة إلى "إسرائيل"، لممثلي الحكومة الأمريكية، وتأخذ "إيباك" في كل عام، عشراتٍ من أعضاء الكونغرس- وكثيراً من زوجاتهم- في رحلات مجانية إلى "إسرائيل"، ليروْا تحديداً، ما تريد الحكومة "الإسرائيلية" لهم أن يروْه .
- تمارس "إيباك" الضغوط لكي تذهب المليارات من دولارات دافعي الضرائب إلى "إسرائيل"، بدلاً من إنفاقها في بناء أمريكا، أو تمويل مَنْ هم في حاجة فعلية . وبينما لا تزال الولايات المتحدة تعاني آثار الأزمة المالية الطويلة، تضغط "إيباك" للامتناع عن إجراء أي خفض في التمويل العسكري ل"إسرائيل" . وبينما تقوم فئات مختلفة من الشعب الأمريكي بخفض الميزانيات المخصصة للمعلمين، ورجال مكافحة الحريق، وأفراد الشرطة، تضغط "إيباك" لمَد "إسرائيل" بأكثر من 3 مليارات دولار في العام .
إن "إيباك" التي هي عميل فعلي لحكومة أجنبية، تملك نفوذاَ على سياسة الولايات المتحدة لا يتناسب أبداً مع عدد الأمريكيين الذين يؤيدون سياساتها . وعندما تملك مجموعة صغيرة كهذه سلطة غير متكافئة، فإن ذلك يُلحق الضرر بالجميع - بمن فيهم "الإسرائيليون" واليهود الأمريكيون .
الخليج