صوت إسرائيلي آخر سابح ضد التيّـار!

بقلم: 

 

توفيت قبل أسبوعين الوزيرة وعضو الكنيست الإسرائيلية السابقة شولميت ألوني التي حظيت بلقب "سابحة دائمة ضد التيّار". وقد كانت كذلك فعلاً سواء في المعارضة، أو عندما أصبحت جزءاً من السلطة.
ولعلّ أكثر ما يبقى منها موقف لا يقبل المساومة إزاء مسألة إحقاق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وقد طبعت به حزبها "ميرتس" (يسار صهيوني) إلى حد كبير.
ينطلق هذا الموقف مبدئياً- دون الخوض في تفاصيل ترجمته على الأرض- من ضرورة الاعتراف الأخلاقي بأن للشعب العربي الفلسطيني حقاً في تقرير مصيره، ويجب أن يتجسّد في إقامة دولة مستقلة وذات سيادة. وذلك خلافاً لمواقف حتى أحزاب يسارية صهيونية أخرى- مثل "العمل"- ترى أن تسوية الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني من خلال إقامة دولة فلسطينية مطلوبة أساساً فقط من أجل الحفاظ على طابع إسرائيل اليهودي، والتنائي عن "خطر" قيام دولة ثنائية القومية، لا من أجل وضع حدّ لمعاناة الفلسطينيين.
كما شدّدت ألوني على ضرورة الحفاظ على طابع إسرائيل الديموقراطي أكثر من طابعها اليهودي. وما نشهده الآن من محاولات فرض الطابع اليهودي على حساب ركل مبادئ الديموقراطية تؤكد صحة رؤيتها وآنيتها في الوقت عينه.
في أحد آخر مقالاتها أكدت ألوني أن إسرائيل "ديموقراطية شاذة"، يسيء فيها الكنيست إلى نشاطات المحافل المدنية العاملة من أجل حقوق الإنسان ويشوّه سمعتها ويقرر التحقيق معها، عوضاً عن الإشادة بها ومباركتها.
وأشارت إلى أنه في سائر دول العالم ناضل الديموقراطيون ونجحوا في إطاحة الفاشية والحكم الاستبدادي، بينما في الكنيست الإسرائيلية تتغلب في الأعوام الأخيرة غريزة تصفية الآخر، وغريزة تكريس تسيّد النظام والسيطرة والسلطة للغالبية اليمينية لمجرّد كونها كذلك والتي تعبر عن غياب الفهم لماهية الديموقراطية، على المنطق.
ونوهت بأن أحد أسباب ذلك يعود إلى حقيقة أن أوردة الديموقراطية الإسرائيلية حُقنت بالكثير من السم على أيدي حاخامين من رجالات ونساء الدين والتدين، ومستوطنين، وشتى أنواع الانتهازيين.
وفي آخر مقابلة أدلت بها إلى وسائل إعلام عام 2011 أعربت عن سعادتها باندلاع حملة الاحتجاج الإسرائيلية لتحقيق العدالة الاجتماعية، وشدّدت على أن استبطان الرأي العام في إسرائيل مفهوم العدالة من شأنه أن يؤجج الكفاح ضد الاحتلال.
لا شك في أن مثل المواقف التي عبرت عنها ألوني والآخذة في الانحسار تسعف كثيراً في قراءة آليات تفكيك المشروع الصهيوني من منظار واضعيه، ومجرّد هذا يشكل مبرّراً كافياً للوقوف عندها ولو في عجالة.

 

النهار

المصدر: 
النهار