جبريل ينزلق مجددا

generalement

في الوقت الذي تملي التطورات على القيادات الفلسطينية البحث عن القواسم المشتركة، ومد الجسور بين القوى المختلفة، وإعادة النظر في السياسات والمواقف الخاطئة والخارجة على سياسة الاجماع الوطني والشرعية الوطنية، يخرج احمد جبريل، أمين عام الجبهة الشعبية - القيادة العامة من دمشق، حيث مركز اقامته وقراره السياسي، بالتحريض على رموز القضية الوطنية وخاصة الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات، والرئيس القائد محمود عباس، وتحميلهما مواقف لا تمت بصلة للسياسة الرسمية الفلسطينية تجاه التطورات الداخلية في الدول العربية وخاصة في سوريا.

الموقف الرسمي للقيادات الفلسطينية واضح ولا حياد عنه، وهو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. وما تقرره الشعوب العربية تقبله القيادة، وتتعامل مع مخرجات الحالة السياسية هنا او هناك. لان القيادة الفلسطينية لا تقبل للدول العربية التدخل في الشؤون الفلسطينية، دون ان يلغي ذلك حق التشاور وتبادل الرأي في القضايا الوطنية والقومية بما يخدم التوجهات المشتركة.

لكن احمد جبريل يأبى إلا ان يبقى خارج الصوت الوطني. ويعتقد بتحريضه على القيادة الفلسطينية انه يحصل على مكافأة الرئيس بشار الاسد. ولم يسأل امين عام القيادة العامة نفسه، ما قيمة اي قائد إذا كسب هذا النظام او ذاك وخسر شعبه؟ كما غاب عنه سؤال الاسئلة في اللحظة السياسية الراهنة، بعد زوال نظام الاسد الابن أين سيحط رحاله؟ هل سيذهب الى إيران؟ ام سيعسكر في بقاع وجنوب لبنان؟ وهل ستسمح له المعادلة السياسية المتغيرة بالتواجد في لبنان؟ ام سيذهب للتعسكر مع قادة الانقلاب في غزة؟

لم يتعلم ابو جهاد مما جرى في ذكرى نكسة حزيران العام الماضي عندما طاردته وقياداته الجماهير الفلسطينية في مخيم اليرموك، وأحرقت مركز الخالصة التابع له. واستمرأ لعبة التبعية للانظمة العربية وخاصة النظام السوري. مع ذلك، وأيا كانت طبيعة وعمق الخلافات بين القيادات الفلسطينية والسورية او اي قيادة عربية، فإن العلاقات الرسمية بين القيادتين لا تحكمها المشاعر الشخصية، ولكن مصالح الشعبين والقيادتين، وليس حسابات الصغار من العملاء والمأجورين امثال احمد جبريل وغيره.

كم كان المرء يتمنى، ان يلتقط احمد جبريل وباقي اركان قيادته اللحظة السياسية ليجسر العلاقة مع الرئيس ابو مازن وباقي اركان القيادة لتحفظ له موقعا في الساحة، وتؤمن له ولانصاره مأمنا بعد زوال نظام الاسد. لكن هيهات ان يدرك جبريل مصلحته ومصلحة رفاقه، لانه فقد البوصلة منذ زمن بعيد وضاع في متاهة الاستزلام والتبعية للنظام السوري.