العدوان على غزة!
تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال اليومين السابقين، بعد هدوء طويل نسبياً، حرصت الأطراف الفلسطينية كافة عليه، وعلى الحفاظ على التهدئة قدر الإمكان.
اختارت إسرائيل هذا التوقيت بالذات، لتحقيق جملة أهداف ترجوها، لعلّ أبرزها محاولة استجرار رد فعل فلسطيني، انطلاقاً من غزة، لمعاودة المتاجرة مجدداً، بمحاولة الظهور بمظهر الضحية، والتركيز على الصواريخ الفلسطينية، وكأنها "حرب إرهابية" ضد المستوطنين المدنيين الآمنين.
ما قامت به إسرائيل من عدوان استهدف بعض القادة العسكريين الفلسطينيين جاء، أيضاً، في مناخات التجاذب الفلسطيني ـ الفلسطيني، الرامية للتقارب ورأب الصدع الداخلي، وهو ما يتعارض مع التوجهات الإسرائيلية الرامية للحفاظ على الانشقاق الجيو ـ سياسي الفلسطيني.
لعلّ من نافلة القول، إن حركة حماس في حالة تهدئة مع إسرائيل، وهي التي تحافظ على الهدنة، ومنذ بدء هذا النهج، نظرت حماس لإطلاق الصواريخ من قطاع غزة، على أنه أمر خاطئ بل غير وطني.
ما قامت به إسرائيل يرمي إلى استجرار رد فعل فلسطيني، تستخدمه لتوسّع إطار عدوانها وإيصال الأمور إلى حافة انهيار واسع تختلط فيه الأوراق وتقوم إسرائيل بإعادة ترتيبها بما يخدم مصالحها الأمنية والاستراتيجية على حد سواء.
تحركت السلطة الوطنية الفلسطينية، ومنذ بدء العدوان، للاتصال بالجهات المعنية كافة، وحمّلت إسرائيل مسؤولية هذا العدوان وتبعاته، ومحاولة محاصرته من الجهات كافة. كما قامت بمساعدة شعبها وناسها عبر قوافل طبية وغيرها لتفويت الفرصة على المخطط الإسرائيلي الجديد.
يمكن القول، إن ثمة وعياً فلسطينياً بات قائماً في الضفة والقطاع على حد سواء، بما ترمي إليه إسرائيل من خلال الاعتداء على قطاع غزة، وتجنب الانجرار السريع لمخططاتها ومراميها.
كشف العدوان الأخير عن أهمية الإسراع، بتحقيق الخطى الأولى في مسار المصالحة الوطنية الفلسطينية، وأبرزها إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وفك الحصار عن القطاع.
إن تفويت الفرصة على المخطط الإسرائيلي العدواني الراهن، والقادم، هو التقارب وتحقيق الوحدة الوطنية، والإسراع في تجديد السجل الانتخابي، والتمهيد جدياً لإجراء الانتخابات.
لعلّ التردد في ذلك، سيفسح المجال، أمام إسرائيل لإعداد المزيد من الخطى الأمنية والعسكرية الرامية للحفاظ على الانشقاق الجيو ـ سياسي، هذا الانشقاق الذي يدفع ثمنه شعبنا في قطاع غزة، والسلطة الوطنية الفلسطينية، والمشروع الوطني الفلسطيني برمته.
الإبقاء على الانشقاق والحفاظ عليه، بات أمراً يتعارض مع المشروع الوطني الفلسطيني برمته، وبات إلى جانب ذلك يخلق المناخات الملائمة، لتنفيذ المشاريع الأمنية والعسكرية ضد غزة، ومحاولة جرها ثانية لحروب غير متكافئة إطلاقاً، المستفيد الأول والأخير منها إسرائيل.