علموا أولادكم الفرح في العيد!

يعبر الفرح عن الشعور بالبهجة  والطمأنينة والرضا في نفس الإنسان، واعظم مراحل الفرح هو النابع من القلب، حين ينجح الشخص في انجاز عمل ما، ويبدع فيه، ويتقنه ويكافئ عليه، فكيف ان كان الفرح نابع من قلب الانسان وعقله مصاحباً له طمأنينة يغرسها الله عز وجل في نفسه ويكافئه على عمله بعد طاعته، فالصيام طاعة لله سبحانه، ولعله من قلة الأمور التي يتوحد عليها العرب والمسلمون، ومكافئة الصائم من سبحانه وتعالى هي العيد، المكافأة الدنيوية التي يقدمها لعبده، العيد الضيف الخفيف الذي يجلب معه الفرح والسرور عندما يحل.

جمالية العيد تكمن بعيون الأطفال، وفرحهم وشوقهم له، وصلة الرحم التي اوصى بها الرسول الكريم، والإبتسامة التي ترتسم على شفاه كل من تقابله في ذلك اليوم، وبغض النظر عن كون العيد مالاً وألعاباً في عيون الأطفال الصغار، وكونه ارهاقاً للبعض من الكبار بسبب كثرة الزيارات، الا ان هذا لا يلغي جمالية هذا اليوم في عيون الجميع، فذلك علموا اولادكم الفرح في العيد، وعلموهم بعض النصائح التي تفيدهم في المستقبل، فالعيد تربية وسعادة.

بكل أسف في العيد ترى وجوهاً لم تعداد على مشاهدتها في معظم ايام السنة، وانت جالس مع من هم اكبر منك في السن، يقولون لك، هذا فلان ابن فلان قريبك، وهذا الشخص ابن الحاج فلان عم والدك، وتتفاجئ بأنك لا تعرفهم، او حتى انك كنت تشاهدهم ولا يطرحون عليك السلام في معظم الايام، وربما يعود ذلك الى عدم تماسك النسيج العائلي عما مضى، فمثلاً تشاهد والدك يعرف جميع افراد عائلتك الكبيرة، وانت لا تعرف المقربون المقربون، فلذلك علموا اولادكم الفرح في العيد، وصاحبوهم في زياراتكم لاقربائكم!

كنت قد حدثت اصدقائي عن موقف سيء يحدث كل صباح يوم عيد، عندما يأتي أحدهم اليك ويقول:" العام الماضي كان معنا فلان، وتوفاه الله، ولا ندرى من سيكون غائباً عنا العام المقبل" واتساءل لماذا هذا التشاؤم في هذا اليوم بالذات؟! لماذا لا يكون الفرح هو عنوان هذا اليوم، حتى وإن كثرت احزاننا وآلامنا، فهذا اليوم جائزة من العزيز القدير للناس جميعاً، حتى في السماء يصفه الله بالجائزة، فلماذا لا نستقبل هذه الجائزة بإبتسامة ونتحدث فيها بالسرور دوماً؟!

يكثر في العيد عادات سيئة والبعض ينسبها للدين، ومن هذه العادات زيارة المقابر في صبيحة اليوم الأول للعيد، السيء في هذا ليس زيارة المقابر، اطلاقاً، ولكن لماذا تكون هذه الزيارة فقط في ايام العيد، لماذا تكون المقابر خاوية في جميع ايام العام، وتمتلئ فقط في العيد؟! لماذا نفرض على أنفسنا  الحزن والبكاء في هذا اليوم بالذات؟! لماذا لا تكون الزيارة قبل العيد مثلاً، والمستغرب أكثر من يجيبك على جميع هذه التساؤلات ويقول لك "ان زيارة القبور هي من صلة الرحم" وهل ضاقت الدنيا عليك بزيارة الأرحام الأحياء لتزور الأموات، فكم من رحم لك لا تزوره؟!

العيد فرح، فعلموا اولادكم الفرح  فيه، علموهم  الحكمة والفضيلة، عملوهم صلة الأرحام التي اوصى بها المصطفى بقوله "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر"، فمهما كانت القطيعة بينكم وبين أرحامكم، لا تورثوها لأبنائكم، واجعلوا من العيد فرصة لوصل ما قطع واصلاح ذات البين.

علموا اولادكم جمالية هذا اليوم، بالتطيب ولبس الثياب الجميلة، ومعايدة من هم حولكم، والمحبة والتسامح، والابتسامة مع الصغار والكبار، فمن فضائل هذا اليوم الابتسامة فهي صدقة، وحسن المظهر، فهو يوم الجائزة من الله تعالى، فأنت عندما تحصل على جائزة تقابلها بالفرح، فكيف تستقبل جائرة من الله من غير ابتسامة؟
علموهم الفرح، وأزيلو عن انفسكم الكآبة، ولا تورثوها لأبنائكم، فكم فاق اعجابي كلام أحد الأصدقاء اليوم عندما قال (هذا العيد لن أقوم فقط بالاتصال بأصدقائي لتهنئتهم بالعيد... ولن أقوم بإرسال التهاني إلى من هم على مزاجي وأنا على مزاجهم، ولمن يؤيدون أفكاري وأنا أؤيد أفكارهم... هذا العيد سأقوم بتهنئة الجميع دون تفرقة أو استثناء... سأتصل بمن قاطعوني وسأقول لهم "كل عام وأنتم بخير") .. فكل عام وانتم سعداء والإبتاسمة لا تفارق وجوهكم.

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.