سوق رام الله الشعبي وفضاء المدن

تدفعنا السوق الصغيرة لتأمل حال المدينة الصغيرة / الكبيرة!

رام الله المدينة التي نحبها جميعا.. والتي قرنت البحث والتساؤل عنها بروعة محبة المدينة والهيام بها:

وين ع رام الله.. وين ع رام الله..

الانطباع الأول: تنظيم وتسهيل حركة السير للناس والمركبات.. جيد..

اختبار الانطباع: كان عليّ التجوال فيه، المساحة بشكل عام صغيرة، لكن هذا المتوفر.

من قال أن السوق الشعبي هو بديل نهائي للبسطات..؟

هو حلّ لجزء منها، خصوصا لمن كان يسطو على الطريق والناس، لكن من كان لا يؤثر على الفضاء العام والحركة، ليظلّ..لماذا؟

لأنه في أقرب مناسبة، لن يستوعب المكان الأعداد الهائلة من المتسوقين.. يعني في أيام الأعياد، ستعود الشوارع وسط البلد سيرتها الأولى: أسواق، خاصة شارع الإرسال، وشارع موقف سيارات بيتونيا، وقرى أخرى.

دوار الساعة الشهير-الذي صار يحمل اسم الشهيد ياسر عرفات، هو أحد دوارين رئيسيين في المدينة، يعني أن السوق الجديدة تقع في منطقة مزدحمة، لا تلائم زيادة المدينة، فلا فضاء يكفي، طيب والحل؟ الحل بنظري إيجاد أسواق أخرى، بحيث تكون متخصصة.. هذا إذا كنا نفكر في المستقبل..

لا أدري وأنا أتجول بين ال 172 بسطة المنتظمة ضمن السوق الجديدة، أمتار قليلة من دوار الساعة برام الله، كتاب بعنوان "البعد الخفي" يتحدث فيه الكاتب عن الفضاءات والمساحات..

سيتدافع الناس بالتأكيد، وستحصل سرقات، واحتكاكات غير بريئة، مما يعني ضرورة وجود شرطة، وكاميرات مراقبة، والسبب هو ضيق المكان..

السوق منظم معدنيا، لكن تنقصه تنظيمات أخرى، لماذا هو متشابه في جزء كبير منه؟ لم لا يتجاور المتشابهين في السلع تسهيلا على المستهلك؟

في كل مرة نتجول في المدن، أتساءل وغيري كيف تنظر البلديات لفضاءات المدن؟ وبالنسبة لرام الله التي كبرت وبقي مركزها كما هو، وارتفعت بناياته، فقد صرت أتضايق من المشي والتسوق. لقد صارت الحركة صعبة، فلماذا نزيد الازدحام بوضع سوق شعبي في مركز المدينة!؟

وهذا يعني أمرين: البحث عن فضاء آخر لعمل أسواق شبيهة، أو إعادة النظر في دخول المركبات وسط البلد.

إذن قننوا دخول المركبات وسط المدينة..أو لعل المجلس البلدي والشرطة يعملان الفكر في تأمل هذه اللوحة، التي مهما نظمناها عادت فوضى.

تدافع الناس يعني التنافر. والتخاصم. فأية أجواء محببة سنشهد؟

ترواح الإيجار حسب القرب من الشارع!

أليس ذلك تعميقا للازدحام!

ترواح الإيجار بين 700 و900 و110 و1300 شيكل، ألا يشكل ذلك مجالا للتفكير؟ خصوصا في المساواة التي تلائم السوق الشعبي. كان من الممكن عمل قرعة حتى لا يتكوم الناس في مقدمة السوق.

هذا السوق سوق صيفيّ، ماذا عن الشتاء؟ وما هي ترتيبات ذلك؟

تجميع البسطات يعني استحقاق التفتيش حتى لا يتم استغفال المواطنين، خصوصا ايام الأعياد. والله يرزق الجميع يا رب.

فهل هناك طاقم مدرب في البلدية سيطمئن على هذا الجانب؟

والسوق بحاجة لطاقم إداري دائم يشكل مرجعية لأصحاب البسطات والجمهور، فهل سنضمن ذلك؟

نحن إذن في مرحلة تجريب، وأظن أن البلدية بحاجة لعدد محدد من الخبراء والباحثين لرصد التجربة وتحليلها، وتقييمها أولا بأول من أجل حل المشكلات التي تظهر، ومن أجل بحث أفضل الحلول لأي ازدحام أو تتدافع يحدث بما يجر من سلبيات!

ربما من المناسب أيضا جعل بابا السوق، واحد للدخول والآخر للخروج، وتدريب المتسوقين على ذلك.

كيف سنضمن النظافة؟ سنضمنها في حال واحدة: تجميع مستمر للنفايات والتخلص منها أول بأول، وإلا كيف سنتجول في السوق؟

تجمع الباعة والجمهور بحاجة للماء، هل سيتوفر ماء نقي للشرب؟ كذلك هل سيتوفر حمامات يراعى نظافتها؟

هل سيراعى عدم الإزعاج في أصوات المسجلات والتلفزيونات؟

إجراءات الأمان، من إطفائيات وإسعاف مدني لا تقل أهمية عن تناوب وجود شرطة بلباس مدني.

السوق يا سادة يعني سوق، أي تجمع اقتصادي، واجتماعي، هو إذن مجتمع مصغر عن المجتمع العام. فهل أعددنا لما يحتاج له هذا التجمع، والذي من المتوقع أن يصل عدد زواره في ذروة الشراء إلى بضع آلاف من المواطنين؟

نعود مرة أخرى إلى فضاءات المدينة، وليس فضاء سوق رام الله الشعبي فقط، حيث أن هذا الحدث يعيدنا إلى طرق موضوع تنظيم المدن، بحيث نحافظ على الطابع التراثي لتاريخ نموها، بما يلزم من استجابة للعصر ونمو السكان المطرد.

لماذا رام الله؟

لأننا بإزاء تطوير المدن الفلسطينية، بالاستفادة القصوى من الخبرات، فلا جمال بدون فضاء، ولا حياة بدون نظام ونظافة. أما التدافع فيعني الهجرة من السوق والشوارع، أليس كذلك؟

وين ع رام الله!

نريد للناس أن يبقوا..بل ونريد للناس أن يأتوا من كل مكان كما كانوا من قبل.

وين ع رام الله وين ع رام الله

ولفي يامسافر وين ع رام الله

ماتخاف من الله سرقت قليبي ماتخاف من الله

وين ياحبيبي وين ياحبيبي تاركني ورايح وين ياحبيبي

حظي ونصيبي حظي ونصيبي ريتك من الله حظي ونصيبي

لازم رام الله تكون جميلة!

مش معقول تكون زمان أجمل؟!

عيب أن تصبح هي وكل مدننا وبلداتنا وقرانا غير جميلة.

ما الإنسان غير المكان والزمان؟

ولن ينصلح الزمان إن لم نصلح المكان (نرتبه وننظفه)!

فضاء المدن هو فضاء الأرواح وصدور البشر وعقولهم/ن، وآن الأوان أن نبني معا بلديا وتربويا خطة للنظافة على مستوى راقٍ. يجب أن لا يطمئن المجلس البلدي والمدينة متسخة، من الأسواق إلى الشوارع، الى المؤسسات.

المدن مراكز الحداثة، والتطور والنهضة والتربية على الهوية الجمعية. هلا أعدنا الاعتبار لها؟ هل فكرنا بالمستقبل المتوسط والبعيد ونحن نؤسس أو نعدّل أي فراغ وفضاء في المدينة؟ هل فكرنا بميدان المنارة؟ بعد كل الاجتهادات عدنا إلى الشكل غير المريح؟ أين الإبداع والاجتهاد؟

وحتى تعود رام الله منافسة للحب علينا أن نحبها أكثر... وأكثر. فإن فعلنا ستصير أجمل!

هي وكل المدن والبلدات والقرى.

Ytahseen2001@yahoo.com

 

التدوينات المنشورة تعبر عن رأي كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي زمن برس.