يأتي للدفاع

بقلم: البروفيسور اليكس مينتس*

جرى الحديث كثيرا عن أهداف زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما من زاوية النظر الاسرائيلية، ولكن كتب القليل عندنا عن زاوية النظر الاستراتيجية – الامنية الاميركية.

في عقيدة الردع الموسعة في العلاقات الدولية درج على النظر الى ثلاثة لاعبين اساسيين: المهاجم (المحتمل)، المدافع والمعتدى عليه (المحتمل). هدف "المدافع" الولايات المتحدة في هذه الحالة – هو منع "المعتدي" (ايران نووية) من الهجوم على "المعتدى عليه" (اسرائيل، السعودية والامارات).
هكذا نظرت وتنظر الولايات المتحدة الى منظومة التحالفات التي كانت لها ولا تزال مع اوروبا واليابان، اللتين منحتهما مظلة نووية، وهكذا تنظر اليوم الى كوريا الجنوبية واليابان في وجه كوريا الشمالية (بما في ذلك ارسال طائرات قصف متملصة وبارجة الى كوريا الجنوبية كي تردع الشمال). وهي بشكل مشابه تنظر ايضا الى اسرائيل حيال ايران. من زاوية النظر الاستراتيجية الاميركية، فان ايران نووية هي المعتدي المحتمل الذي يجب ردعه، والولايات المتحدة هي الجهة الرادعة، واسرائيل والامارات هما اللاعب المعتدى عليه المحتمل الذي ينبغي حمايته بواسطة الردع الموسع.
وبالفعل، فإن نظرية الردع الموسع التي يعود اصلها الى مقال مؤثر على نحو خاص لأحد أهم باحثي العلاقات الدولية في العالم، البروفيسور بروس رست من جامعة ييل، تقضي، استنادا الى فحص حالات الردع التاريخية الناجحة الكثيرة حيال الاخفاقات في الردع، بأن العامل الأكثر تأثيرًا على نجاح ردع المهاجم المحتمل هو التأييد الذي لا لبس فيه من جانب المدافع للمعتدى عليه من خلال المساعدة والعلاقات العسكرية والاقتصادية الكثيفة والمصداقة بينهما.
من زاوية النظر الاستراتيجية الاميركية، وعلى هذه الخلفية أيضا يجب أن نرى زيارة الرئيس اوباما الى اسرائيل. وهكذا كان هذا وعدا انتخابيا لأوباما بزيارة اسرائيل، وكان انتقاد كثير على اوباما في الحملة الاخيرة كي لا يزور اسرائيل في ولايته الاولى بينما زار مصر وتركيا. من زاوية النظر الاميركية يوجد أيضا الانجاز الهام للمصالحة بين اسرائيل وتركيا والتوجه المباشر من الرئيس اوباما الى الجمهور في اسرائيل بشأن الاهمية الحرجة للمسيرة السلمية بالنسبة لاسرائيل.
ولكن فضلا عن ذلك في الرؤية الامنية الاميركية، فإن ابراز العلاقة الوثيقة بين الجهة الرادعة – الولايات المتحدة وبين المعتدى عليه المحتمل – اسرائيل – حيال ايران تعزز الردع الاميركي الموسع، مثلما هو الامر في السياق الاسرائيلي لاعمال اخرى في السنوات الاخيرة. هكذا مثلا المساعدة المالية الاميركية لمنظومة القبة الحديدية ومنظومات الدفاع المضادة للصواريخ الباليستية الاخرى مثل حيتس، التدريبات المشتركة والمتواترة بين الجيش الاسرائيلي والجيش الاميركي، نصب الرادار الاميركي في النقب وذاك الذي يفترض أن يعطي المعطيات من تركيا، الزيادة الكثيفة لمخزون السلاح الاميركي في اسرائيل، اقامة مراكز للتحكم والرقابة من قبل الاميركيين الاسرائيليين، وكذا الوقفة القاطعة من إدارة اوباما الى جانب اسرائيل في حملة عمود السحاب، زيارة الرئيس اوباما الى اسرائيل ووعد بمواصلة المساعدات الامنية لاسرائيل – كل هذه تنسجم ونظرية الردع الموسع الاميركية.
المشكلة هي أن الايرانيين اذكياء وينظرون ليس فقط الى خطوات أوباما في البلاد، بل والى ما قاله ايضا. السطر الاخير من ناحيتهم هو أن لديهم سنة حسب تصريح الرئيس اوباما نفسه، قبل أن يفكر الاميركيون اذا كانوا سيهاجمونهم على الاطلاق، اذا ما اجتازوا خطا أحمر متطرفا ما من زاوية النظر الاميركية. مشكوك فيه أن يقوم الايرانيون الذين ضعفوا اقتصاديا بسبب العقوبات الكبيرة لاجتياز خط كهذا. هناك احتمال أكبر في أن يحاولوا النزول عن الشجرة قبل اجتياز حافة النووي، اذا ما اعطي لهم اعتراف دولي بحقهم في تخصيب اليورانيوم بمستوى 20 في المئة على اراضيهم، ولكن ذلك شريطة أن يصطدموا بتصميم اميركي بمنعهم من الوصول الى النووي.

معاريف

* عميد مدرسة الحكم الاستراتيجية والدبلوماسية في المركز متعدد المجالات في هرتسيليا