مرض حزب الله

 

بقلم: غي بخور

إن وضع منظمة حزب الله سواء أكان نصر الله مريضا بالسرطان ويوشك ان يموت كما تقول التقارير في لبنان، أم لا، هو الأصعب منذ أنشئت في سنة 1982. وسبب ذلك حمام الدم في سوريا وهو صراع كالطوفان يجرف معه كل من يدخل يديه فيه.

حينما أمرت ايران حزب الله قبل نحو من ثلاثة أشهر بالبدء بالهجوم على المتمردين السنيين في سوريا والدفاع بذلك عن نظام بشار الأسد الذي ترعاه، يشك في ان يكون نصر الله قد تحمس للفكرة فهذا يعني ارسال آلاف المقاتلين للمشاركة في حرب لا تتصل بهم ألبتة لكن هذا ما جرى. وقد جاء حزب الله معه بتكتيكات قتال مدن لم يكن جيش سوريا يملكها وهكذا حصن الأسد سيطرته على المدن الكبيرة في الدولة.

لكن الثمن بالنسبة لحزب الله وهو منظمة صغيرة نسبيا باهظ وهو مئات القتلى الذين يعودون في توابيت الى لبنان وبينهم قادة كبار. إن القوة البشرية عنده قد أصيبت اصابة شديدة وهو بدخوله الى سوريا يثير غضب أهل السنة عليه – في سوريا وفي لبنان ايضا. وقد أقسم هؤلاء ان ينتقموا من حزب الله ويتوقع ان يحققوا تهديدهم ايضا، فهم قد يعملون في لبنان كما يعمل هو في سوريا.

إن عصابات مسلحة سنية سلفية جديدة ايضا تنشأ في لبنان لم تعد مستعدة لقبول الوضع الذي يكون فيه حزب الله الشيعي مسلحا بصواريخ موجهة على اسرائيل في ظاهر الأمر. فالسنيون يرون ان المحاربين الشيعة هم بمنزلة «حزب الشيطان» وسيحاسبونهم فيما بعد. ويعلم الشيعة ذلك ويفضل فريق منهم الانضمام الى الرياضة اللبنانية الوطنية والهجرة من البلاد. وهم يعلمون ان يوم محاسبتهم سأتي حسما فالفظائع في سوريا لن تبقى بلا انتقام دام. وهكذا أخذ لبنان يتصل بسوريا بسبب الحرب الأهلية.

وليس هذا فقط، لأنه حينما تكون ايران في انهيار اقتصادي وبشار الأسد يحارب عن حياته، كيف تأتي المساعدة والسلاح الى حزب الله. انه يبقى وحيدا بعيدا عن أمه ايران وعن أنبوب تزويده بما يحتاجه، أعني الأسد الذي هو نفسه مهدد. انقضت أيام مجد نصر الله «بطل العرب» وأصبحت مكانته في الحضيض باعتباره مؤيدا معلنا لبشار. فالعالم العربي الذي هو سني في الأساس ينظر اليه في احتقار ظاهر.

هل سيحاول حزب الله ان يصرف إلينا الانتباه كي ينجو، كما اعتاد ان يفعل مدة عقدين؟ يبدو ان الجواب لا. فنصر الله وكبار مسؤولي المنظمة يعلمون جيدا ان الجيش الاسرائيلي مستعد جاهز كالنابض. وحزب الله في نضاله للجيش الاسرائيلي سيزداد ضعفا فقط وآنذاك سيأتي السنيون من داخل الدولة ليصفوا الحساب معه. ويؤثر المنطق نفسه ايضا في بشار ازاء اسرائيل.

يرى حزب الله السنيين الذين يزدادون قوة ويخاف. هكذا ينقضي المجد، والمنظمة التي اشترت مجدها على حساب اسرائيل تبيعه الآن بقروش على حساب سوريا.

يعلمنا التاريخ ان كل اولئك الذين عاشوا على مجابهة اسرائيل ينتهي بهم الأمر الى الانضمام الى سلسلة طويلة طويلة من الخاسرين التاريخيين: من صدام حسين الى معمر القذافي، ومن المفتي المقدسي الموالي للنازيين الحاج أمين الحسيني الى ياسر عرفات.