الجيش الإسرائيلي يقتحم لبنان "كما الضفة": 1200 عملية في عام

زمن برس، فلسطين: نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي، من خلال ما يُسمى "فرقة الجليل"، نحو 1200 عملية اقتحام برية داخل لبنان في العام الأخير، وتحديداً منذ اتفاق وقف إطلاق النار، بمعدّل ثلاث إلى خمس مرات يومياً، ومسافة خمسة كيلومترات من الحدود، وأحياناً بالقرب من خط القرى الثاني، بحسب ما أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية اليوم الاثنين.
ويوصف حجم العمليات بأنه "غير مسبوق" على طول الحدود، الممتدة نحو 140 كيلومتراً من رأس الناقورة وحتى منطقة مزارع شبعا. وبحسب تقرير الصحيفة، فإنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي على وشك القيام بعملية عسكرية قصيرة، بذريعة ردع حزب الله وتقليص قدراته على التسلّح والتعاظم، على اعتبار أن القصف الجوي اليومي لم يردع الحزب، وتزعم إسرائيل أنه يواصل تعزيز قوته العسكرية على نحوٍ ملحوظ، خصوصاً في المناطق البعيدة عن الحدود.
وجرت عمليات الاقتحام البرية المشار إليها في محيط 21 قرية على خط التماس في جنوب لبنان، وشملت بحسب مزاعم الصحيفة "دوريات علنية وسرية، وكمائن ضد عناصر الحزب، إضافة إلى رصد مبانٍ أو أنفاق مخصصة لأعمال عسكرية وتدميرها"، لم يُعثر عليها في العدوان الأخيرة الموسّع على لبنان. ووفقاً للتقرير ذاته، يستطيع جيش الاحتلال تنفيذ هذه العمليات البرية الكثيرة قرب الحدود تقريباً دون احتكاك، وبحجم يذكّر بالعمليات الليلية التي ينفّذها الجيش في عمق الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، نظراً لغياب شبه كامل للسكان في قرى خط التماس اللبنانية.
وقرّر جيش الاحتلال الإسرائيلي إبقاء هذه المعطيات بعيدة عن الأنظار طوال العام الماضي، لتجنّب استفزاز الطرف الآخر، وفقاً للتقرير، "رغم أن حزب الله على دراية كاملة بكل عملية من هذا النوع. وبعد أن تنسحب القوات من عملية كهذه، حتى من داخل قرية، كما حدث قبل نحو أسبوعين في بلدة حولا المقابلة للجليل الأعلى، تقترب جرافات لبنانية من موقع الدمار الجديد لإزالة الأنقاض التي خلفها الانفجار الكبير للجيش الإسرائيلي"، وفي تلك المرحلة، تنطلق مُسيّرات تابعة لسلاح الجو وتهاجم تلك الجرافات، بزعم أن عناصر من حزب الله يوجدون داخلها.
يزعم جيش الاحتلال الاسرائيلي وجود معضلة قبيل اتخاذ قرار محتمل بشأن تنفيذ عدوان جديد على لبنان، ذلك أن الحياة في منطقة الجليل عادت إلى طبيعتها في الكثير من إرجائه، وإلى نشاطات شبه كاملة، وهناك تخوفات من أن ينهار كل ذلك خلال بضعة أيام، في حال إطلاق حزب الله صواريخ نحو حيفا وتل أبيب، ومُسيّرات مفخخة نحو الجليل، إضافة إلى مسيّرات هجومية ضد أهداف استراتيجية في أنحاء الشمال. ورغم القصف الإسرائيلي اليومي، تزعم إسرائيل أن لدى حزب الله ما يكفي من هذه الوسائل، رغم قدراته المحدودة على تشغيلها على نحوٍ مثالي ومتزامن، بسبب اغتيال معظم قادته البارزين.
ونقلت الصحيفة العبرية عن ضابط كبير كان في مركز اتخاذ القرار في قيادة الجيش حتى قبل نحو عام، قوله: "من المهم أن نتذكر أن العملية ضد حزب الله كانت ردعية في جوهرها، وليست حاسمة كما كانت ضد حماس". وتكثّف إسرائيل في الآونة الأخيرة مزاعمها بأن حزب الله يعيد تأهيل نفسه وقدراته، وقد تذهب للمبالغة أحياناً في ذلك، لأسباب منها تبرير استهدافها اليومي للأراضي اللبنانية. وسبق أن فعلت ذلك على مدار سنوات مضت، في حين اتضح في العدوان الواسع الأخير أنها كانت تعمل بسرية وتخطط لاختراق صفوف حزب الله، وتركته "مُخدّراً" على مدار أعوام، ما مكّنها لاحقاً من اغتيال قادته وتوجيه ضربات موجعة له.
تكثيف الوجود العسكري على الحدود
ينقل موقع واينت العبري عن جهات في جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه "من المستحيل حماية بلدة مثل منارة (مستوطنة حدودية) فقط بواسطة سياج الحدود، ولذلك نعمل باستمرار أيضاً من الجانب اللبناني للسياج، على الأرض وفي الجو. رؤساء المجالس والبلدات يعرفون ذلك ويحثوننا على عدم التوقّف، حتى عندما يسمعون أحياناً التفجيرات التي ننفّذها من جهة لبنان"، وبحسب الجيش: "إلى جانب ما يجري ويُعالج في العمق، في البقاع أو بيروت، علينا أولاً التأكّد من أنه في نطاق خمسة إلى عشرة كيلومترات من الحدود لا توجد بنى تحتية عسكرية، وحزب الله بارع في العودة إلى هذه الأماكن بغطاء مدني، للمراقبة والمتابعة. هذه المرة لا يجوز أن يكون الأمر كما بعد عام 2006 (حرب لبنان الثانية). إذا رأينا مسلحاً من مسافة سبعة أو عشرة كيلومترات نقضي عليه فوراً، بعد أن نتأكد أنه ليس مراقباً تابعاً لليونيفيل أو جندياً من الجيش اللبناني".
وينتشر جيش الاحتلال الإسرائيلي في المواقع الحدودية بعدد من الجنود والوسائل القتالية، يزيد بمقدار مرتين ونصف المرّة عمّا كان قبل السابع من أكتوبر 2023، موضحاً أن هذا الوضع الذي سيكون أيضاً في السنوات المقبلة. ويستعين جنود الاحتلال بمسيّرات متطوّرة أصبحت جزءاً ثابتاً من المشهد في أجواء الجليل والأجواء اللبنانية، ولا تغادرها على مدار الساعة، وطوال أيام الأسبوع، وتراقب ما يحدث في العديد من "المناطق الميتة" التي يصعب مراقبتها عبر وسائل ثابتة أو متحركة، خصوصاً في مجاري الأودية وبين الغابات الكثيفة التي لم يقم جيش الاحتلال بعد بإزالتها.
ويصف مسؤولون في جيش الاحتلال الإسرائيلي الوضع بأنه "إذا وُجد راعي أغنام في المنطقة أو ما يبدو أنه مدني يتجول بلا سلاح، فإننا لا نسمح له بالتجوّل بحرية، بل نرد فوراً وفق إجراء اعتقال مشتبه به، وفي بعض الحالات نعتقله للتحقيق"، وأضافوا: "نحن في فترة تشكيلية (إعادة تشكيل المنطقة)، وإذا لم يكن هناك تحرّك لبناني حقيقي لنزع سلاح حزب الله، فسيتعين علينا أن نكون فعّالين وعدوانيين ضده في السنوات المقبلة، حتى لو كان ذلك بدفع ثمن من جانبنا. لا يجوز أن يفلت الأمر من أيدينا مرة أخرى كما حدث بعد عام 2006. لا يزال لدى حزب الله قدرات لتنفيذ مفاجآت، مثل محاولات تسلل مجموعة أو مجموعتين، لكننا نعمل على نحوٍ استباقيّ وقويّ لإحباط ذلك ومنع محاولات أكثر خطورة".




