مخططات سموتريتش: أرقام التغوّل الاستيطاني القياسية تكشف ضماً فعلياً في الضفة المحتلة

زمن برس، فلسطين: يسارع الوزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي مع الدخول في سنة انتخابية للدفع قدماً بالمشاريع التي يرونها ذات أهمية بالنسبة لهم، ومنهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي تشير الأرقام إلى تغييره الواقع في الضفة الغربية المحتلة من خلال تعزيز الاستيطان على نحو ملموس، وهو ما وصفته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية في تقرير، اليوم الثلاثاء، بأنه "ثورة حقيقية"، خلف الخط الأخضر، من خلال مضاعفة الوحدات الاستيطانية والإعلان عن المزيد من الأراضي على أنها "أراضي دولة" أو مزارع استيطانية، لكن الأبرز من كل ذلك، أنه غيّر آلية عمل حكومة الاحتلال.
ولفهم مدى عمق هذا التغيير، أشارت الصحيفة العبرية إلى الأرقام، فمنذ تشكيل الحكومة عام 2023 وحتى الآن صادقت على بناء 48 ألف وحدة استيطانية خلف الخط الأخضر، بمتوسط نحو 17 ألف وحدة استيطانية سنوياً. ووفقاً للتقديرات، فإنه بحلول نهاية العام الحالي ستدفع الحكومة نحو بناء أكثر من 50 ألف وحدة استيطانية خلال فترة ولايتها، علماً أنه قبل ولاية الحكومة الحالية كان عام 2020 هو الأكثر نشاطاً بالنسبة للمستوطنات، حيث تمت المصادقة على بناء أكثر من 12 ألف وحدة حينها، وكان ذلك في السنة الأخيرة من ولاية دونالد ترامب الأولى رئيساً للولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، حطم سموتريتش أرقاماً قياسية أيضاً في ما يتعلق بالإعلان عن أراضٍ على أنها "أراضي دولة". فمنذ بداية ولايتها، استولت حكومة الاحتلال على 25960 دونماً في الضفة الغربية، معلنة أنها أراضي دولة. وللمقارنة، فإنه خلال الـ27 سنة الماضية تم الإعلان عن 28000 دونم خلف الخط الأخضر على أنها أراضي دولة، بموجب الأرقام التي وردت في تقرير الصحيفة العبرية. وعلّق يوني مزراحي، رئيس فريق متابعة الاستيطان في حركة "سلام الآن"، قائلاً "صحيح أن الرئيس ترامب منع حكومة إسرائيل من فرض السيادة، لكن في ظل الحكومة الحالية يتم تنفيذ ضم فعلي يُرى ويُشعر به بوضوح على الأرض".
وتُعدّ الطرق قضية مركزية في كل ما يتعلق بالاستيطان، إذ تُستخدم وسيلةً للسيطرة وتعزيز القدرة على زيادة عدد المستوطنين. وعليه فإن الوزير سموتريتش والإدارة التي أنشأها من أجل تنظيم الاستيطان أدركوا أن هناك فرصة لا ينبغي تفويتها، ويتم إجراء أعمال تطوير كبيرة في عدة شوارع تمر في الضفة الغربية ومحيطها. كذلك، من الأهداف الرئيسية توسيع المستوطنات في مواقع استراتيجية بحيث يتم خلق تواصل إقليمي استيطاني، وفي الوقت ذاته يتم قطع التواصل الفلسطيني مما يُفشل إمكانية إقامة دولة فلسطينية. وفي مايو/ أيار من العام الجاري، صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) على إقامة 22 بؤرة استيطانية، بعضها كان قائماً بالفعل. وأحد أهداف ذلك هو الإسراع في إنشاء وجود يهودي دائم في هذه المواقع قبل الانتخابات وتغيير الحكومة. ولفت تقرير الصحيفة، إلى أن الموافقات موجودة بالفعل ولا يبدو أن الأميركيين سيمنعون ذلك.
وفي 20 أغسطس/ آب الماضي، صادقت اللجنة الفرعية في الإدارة المدنية على خطة البناء في المنطقة المعروفة باسم E1، الواقعة بين مستوطنة معاليه أدوميم والقدس المحتلة، التي ستشمل 3400 وحدة سكنية استيطانية. وقبل ذلك، في 14 أغسطس، شرح سموتريتش ما وراء الموافقة على المشروع، موجّهاً حديثه بشكل خاص إلى المجتمع الدولي، وقال إنه عندما يرغبون بالاعتراف بدولة فلسطينية، لن يكون هناك أرض لإقامتها لأن المنطقة كلها ستكون قد تم الاستيلاء عليها. وتسعى حكومة الاحتلال في هذه المرحلة، إلى اختيار المقاول للتقدّم بالمشروع بسرعة حتى يتم التنفيذ قبل الانتخابات.
تغيير آخر يستهدف الوجود الفلسطيني والأراضي الفلسطينية ويساهم في تعزيز الاستيطان، يتعلق بالمناطق المصنّفة (ج) في الضفة الغربية، إذ يعمل سموتريتش على مشروع "طموح" يقوم على إجراء مسح شامل لجميع الأراضي وتحويل عبء الإثبات في ما يتعلق بملكية الأرض إلى المواطن الفلسطيني. في الوضع الحالي، عند فحص ما إذا كانت أرض بؤرة استيطانية أو مستوطنة قانونية (من الزاوية الإسرائيلية) يتوجب على المستوطنين إثبات أن الأرض لا تعود لفلسطيني، بل تم إعلانها كأراضي دولة، على الأقل من الناحية الشكلية إذ إنهم على أرض الواقع لا يأبهون للقانون ويستولون على الأراضي ويقيمون فيها بؤراً استيطانية بالقوة فضلاً عن الإرهاب الذي يمارسونه ضد الفلسطينيين. أما بعد استكمال مسح الأراضي بحسب المشروع، سيكون من الأسهل إعلان مساحات واسعة أراضي دولة، بحيث يُطلب من الفلسطيني الذي يدّعي ملكية الأرض أن يثبت ذلك. ويدور الحديث عن مشروع ضخم بتمويل يقدّر بمئات ملايين الشواقل.
وذكر التقرير العبري، أنه إلى جانب "البُعد الرمزي" المتعلّق بالسيادة، أي إن وزارة حكومية تتولى التعامل مع مناطق خلف الخط الأخضر بدلاً من الإدارة المدنية، يوجد هنا خطوة عميقة تهدف إلى تغيير جذري في تعريفات الأراضي، ما يتطلب تجنيد كوادر إضافية والعمل المكثّف مع المستشارين القانونيين، والهدف هو تسريع الإجراءات وإنهائها قبل الانتخابات. وإذا اكتملت العملية فسيكون بالإمكان إعلان ما معدّله 60 ألف دونم سنوياً في مناطق الضفة الغربية المحتلة أراضي دولة إسرائيلية.




