خطر يهدد غزة.. تصاعد كبير في تسجيل إصابات بالحمى الشوكية

خطر يهدد غزة.. تصاعد كبير في تسجيل إصابات بالحمى الشوكية

زمن برس، فلسطين:  حذّر أطباء أطفال في مستشفيات جنوب ووسط قطاع غزة من تفشٍ واسع وخطير لمرض الحمى الشوكية بين الأطفال، مؤكدين أن الأعداد المتزايدة خلال الأيام الأخيرة تشير إلى إمكانية تحول الحالة إلى جائحة مستقبلًا في ظل أوضاع صحية متدهورة ونقص حاد في الأدوية والإمكانيات الأساسية.

مصادر طبية تحذر من انتشار مرض الحمى الشوكية وتؤكد أن عزل المصابين صعب جدًا في ظل الاكتظاظ داخل المستشفيات.

وقال رئيس قسم الأطفال في مستشفى ناصر بخانيونس أحمد الفرا، لـ"الترا فلسطين"، إن المستشفى استقبل خلال الأيام الأربعة الماضية نحو 40 حالة إصابة بالحمى الشوكية، موضحًا أن العدد "يفوق المعتاد بشكل كبير"، حيث كانت تمر أحيانًا أسابيع وأشهر دون تسجيل أي حالة.

وأضاف: "هذا العدد الكبير خلال أيام معدودة نُطلق عليه طبيًا اسم جائحة، أي تفشٍ مفاجئ وغير طبيعي لعدد من الإصابات في وقت واحد"، محذرًا من أن الحالات تشمل إصابات فيروسية وأخرى بكتيرية، ما يزيد من تعقيد التعامل معها وارتفاع المخاطر.

وأكد أن المرض قد يؤدي إلى مضاعفات عصبية خطيرة؛ مثل الصمم، فقدان البصر، الشلل الدماغي، أو تأخر القدرات العقلية والحركية، إذا لم يُعالج سريعًا وبفعالية.

وأشار الفرا إلى أن المستشفى يواجه عجزًا حادًا في الأسرّة، ونقصًا في المختبرات المتخصصة والأدوية الحيوية، مضيفًا أن الأطفال المصابين بحاجة عزلٍ تام، إلا أن الاكتظاظ داخل المستشفى أجبر بعضهم على النوم على الأرض في ظل عدم توفر مساحات كافية للعزل.

من جانبه، قال رئيس قسم الأطفال في مستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع هاني الفليت، لـ"الترا فلسطين"، إنه يوجد حاليًا حوالي 12 حالة منومة في المستشفى ثبت إصابتها بالمرض. وأوضح الفليت أنه يسجل يوميا إصابة واحدة إلى حالتين، موضحًا: "هذا الرقم لم نكن نشهده من قبل".

وأكد الفليت أن معظم الحالات التي تم فحصها مؤخرًا تبيّن أنها عدوى بكتيرية وليست فيروسية فقط، وهو ما يجعل المضاعفات المحتملة أخطر وأكثر صعوبة في العلاج. وأشار إلى أن الظروف الحالية لا تسمح بتطبيق بروتوكولات العزل الطبي المطلوبة.

وبين الفليت أن "العزل صعب جدًا في ظل الاكتظاظ داخل المستشفيات، بل إن الأطفال المصابين قد يكونون أصلاً قد نقلوا العدوى لأكثر من فرد داخل عائلاتهم قبل وصولهم للمشفى، خاصة في ظل الإيواء الجماعي داخل المدارس والخيام".

وأضاف أن كل حالة من هذه الإصابات تحتاج إلى 7 إلى 10 أيام من العزل والعلاج بالمضادات الحيوية الدقيقة، والتي بدأ مخزونها يتنفد.

وتابع "نحن أصلًا كنا نواجه صعوبة في تطبيق البروتوكولات الكاملة، والآن مع ازدياد الحالات سنواجه عجزًا حقيقيًا في الأدوية المناسبة لعلاج المرض، ما قد يضطرنا إلى استخدام بدائل أقل فعالية".

ويشير الأطباء إلى أن الأسباب المباشرة لهذا التفشي ترتبط بتدهور الوضع التغذوي للأطفال في القطاع، نتيجة الحصار الطويل، والنقص الحاد في الأغذية الأساسية، بالإضافة إلى تلوث المياه الناتج عن تسرب مياه الصرف الصحي إلى الآبار ومياه البحر، التي باتت تُستخدم أحيانًا في النظافة الشخصية وغسل الأدوات المنزلية.

ودعا الفرا والفليت الجهات الصحية والدولية إلى تدخل عاجل وفوري لتوفير الأدوية والمضادات الحيوية ومستلزمات التشخيص والعزل، محذرين من أن استمرار الوضع الحالي قد يقود إلى انفجار وبائي يصعب السيطرة عليه.

إصابات في غزة والشمال

من جانبه، أكد مدير المستشفيات الميدانية في قطاع غزة مروان الهمص، إن القطاع يشهد بداية ظهور حالات من الحمى الشوكية بين الأطفال في أكثر من منطقة، محذرًا من إمكانية تحوّل الوضع إلى تفشٍ واسع في حال استمرار تسجيل الإصابات وغياب أدوات التشخيص والعلاج.

وأوضح الهمص، في تصريح خاص لـ"الترا فلسطين"، أن "المرض بدأ يظهر بين الأطفال في مناطق متعددة من قطاع غزة، حيث سُجلت حالات في مجمع ناصر الطبي، ومستشفى شهداء الأقصى، بالإضافة إلى مناطق في مدينة غزة وشمال القطاع".

وأكد أن الأعداد المسجلة حتى الآن "لا تستدعي الهلع"، مشيرًا إلى أن "ما نراه اليوم هو بداية محتملة، لكننا لسنا أمام وباء في هذه المرحلة، ما لم تثبت الفحوصات المخبرية أن الإصابات إيجابية بشكل مؤكد وبأعداد متصاعدة".

وأضاف: "ما زلنا نواجه صعوبة في التشخيص، حيث لا تتوفر لدينا إمكانيات إجراء مزارع مخبرية دقيقة تساعد على تحديد ما إذا كانت الإصابات ناجمة عن بكتيريا أو فيروس، وهو أمر بالغ الأهمية لتحديد خطة العلاج والمضاد الحيوي المناسب".

وأشار إلى أن المخاوف في هذه المرحلة تتركز على إمكانية تفشي المرض سريعًا في بيئة تعاني من ازدحام شديد داخل مراكز الإيواء والمخيمات، فضلًا عن نقص أدوات النظافة الشخصية، والأدوية، وسوء التغذية، وهو ما قد يخلق بيئة خصبة لانتشار المرض "كالنار في الهشيم".