تعميق الشرخ الإسرائيلي.. الكنيست يقر قانونًا يغير وجه القضاء

تعميق الشرخ الإسرائيلي.. الكنيست يقر قانونًا يغير وجه القضاء

زمن برس، فلسطين:  في خطوة فارقة، صادقت الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلي، اليوم الخميس، بالقراءتين الثانية والثالثة، على تعديل قانون أساس القضاء (تعديل رقم 4)؛ والذي يهدف إلى تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة في إطار "الإصلاحات القضائية" التي تسعى الحكومة الإسرائيلية لتحقيقها، والتي تصفها المعارضة بخطوات "الانقلاب على القضاء".

وقد وافق على هذا التعديل 67 عضو كنيست، بينما عارضه عضوٌ واحد، في حين قاطعت أحزاب المعارضة التصويت.

 بينما رحب أعضاء الائتلاف الحكومي بالخطوة، عارضها زعماء المعارضة معتبرين "أن هذا القانون سيعمق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي ويقوض الثقة في مؤسسات الدولة".

ويُعتبر هذا القانون أحد أبرز القوانين الأساسية في الإجاءا القضائية، ويهدف إلى تعديل آلية تعيين القضاة، وتحديدًا تغيير هيكل لجنة تعيين القضاة، بما يتماشى مع تطلعات الحكومة الإسرائيلة التي تتذرع بأنها تريد تحقيق "توازن أكبر بين السلطات القضائية والتشريعية"، فيما يعتبر المعارضون أنها تسعى للسيطرة على الجهاز القضائي.

وبموجب هذا التعديل؛ ستتكون لجنة تعيين القضاة من تسعة أعضاء: رئيس المحكمة العليا، قاضيان إضافيان من المحكمة العليا، وزير القضاء، وزير آخر، عضو كنيست من الائتلاف، عضو كنيست من المعارضة، بالإضافة إلى ممثلين اثنين عن الجمهور، حيث سيكون أحد هذين الممثلين من اختيارات الائتلاف، والآخر من اختيارات المعارضة.

ويتضمن التعديل أيضًا تغييرات في آلية اتخاذ القرارات داخل اللجنة، حيث ستكون القرارات بحاجة إلى أغلبية خمسة أعضاء؛ مما "يضمن توازنًا أكبر في اتخاذ القرارات حول تعيين القضاة". 

ومن أبرز النقاط التي يشتمل عليها التعديل أنه في حال تعذًر تعيين قضاة للمحكمة العليا بسبب انتهاء ولاية اثنين منهم، فإن وزير القضاء سيكون له الحق في تفعيل آلية "طريق مسدود"، التي تسمح لممثلي الائتلاف بتقديم ثلاثة مرشحين لاختيار أحدهم، ويجب على الأعضاء الآخرين اختيار مرشح منهم. 

وفيما يتعلق بتعيين قاضٍ للمحكمة العليا، سيكون من الكافي الحصول على تأييد ممثلين عن الائتلاف والمعارضة، دون الحاجة إلى دعم القضاة الأعضاء في اللجنة.

وقد تفاعل العديد من الشخصيات السياسية مع هذا التصويت. ففي الوقت الذي رحب فيه أعضاء الائتلاف بالخطوة واعتبروها "إصلاحًا ضروريًا يعيد التوازن بين السلطات"، اعترض زعماء المعارضة، مثل يائير لابيد وبيني غانتس وأفيغدور ليبرمان، معتبرين أن هذا القانون سيعمق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي ويقوض الثقة في مؤسسات الدولة.

 وأكد زعماء المعارضة، في بيان مشترك، أنهم سيعملون على إلغاء هذا القانون إذا ما تمكنوا من تشكيل حكومة جديدة، مشيرين إلى أن الحكومة الحالية تواصل إضعاف ثقة الجمهور بدلًا من التركيز على قضايا الأمن والاقتصاد.

وفي تعليقه على القانون، وصف رئيس لجنة الدستور الإسرائيلي سمحا روتمان، الخطوة بأنها "مهمة لإعادة التوازن بين السلطات وتعزيز ثقة الجمهور في القضاء".

من جانبه، اعتبر وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أن هذا التعديل يجب أن يكون بمثابة "بداية لإصلاحات أخرى في الجهاز القضائي".

من جهتهما، أكد وزير القضاء ياريف ليفين، وعضو الكنيست جدعون ساعر أن هذا التعديل يشكل "تطورًا متوازنًا ينهي احتكار تعيين القضاة من قبل مجموعة واحدة"، معتبرين أن التعديل يعزز التنوع داخل الجهاز القضائي. 

أما وزير الخارجية، فقد هاجم المعارضة، متهمًا إياها بالرفض المطلق للتعديل دون تقديم مبررات مقنعة.

وفي خطابه الختامي بعد إقرار القانون، أشار وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين، إلى أن المحكمة العليا قد تجاوزت حدود صلاحياتها في السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن المحكمة تواصل إلغاء القوانين الصادرة عن الكنيست بشكل متسارع.

وأوضح ليفين أنه "منذ السابع من أكتوبر، توقفت جميع الأمور، لكن المحكمة العليا استغلت الوضع وألغت قانون أساس المعقولية قبل إحالة بعض القاضيات إلى التقاعد"، مضيفًا: "لقد استولوا على اللجنة وصادروا صلاحياتها في خضم الحرب".

وشدد ليفين على أن الحكومة الإسرائيلية تسعى لاستعادة التوازن بين السلطات بعد أن "وضعت المحكمة نفسها فوق الحكومة، وأخذت على عاتقها صلاحيات غير مشروعة"، قائلًا: "نحن نفتح صفحة جديدة في مسار الديمقراطية الإسرائيلية، ونقف اليوم للمطالبة بالعدالة"، في إشارة إلى محاولات إلغاء السيطرة القضائية غير المحدودة للمحكمة العليا.

وسيبدأ سريان هذا التعديل مع بداية ولاية الكنيست السادسة والعشرين؛ مما يجعله خطوة محورية في إطار الإصلاحات القضائية (ما تصفها المعارضة بـ الانقلاب على القضاء) المزمعة، والتي ستستمر في إثارة الجدل بين المؤيدين والمعارضين في المستقبل القريب.