ارتفاع ضحايا زلزال المغرب لأكثر من 2012.. وفرق الإنقاذ تكافح للعثور على ناجين وسط الأنقاض
زمن برس، فلسطين: تكافح فرق الإنقاذ، السبت 9 سبتمبر/أيلول 2023، للعثور على ناجين وسط أنقاض المنازل المنهارة في القرى الجبلية النائية بالمغرب، في أعقاب أعنف زلزال تشهده البلاد منذ أكثر من ستة عقود والذي أودى بحياة أكثر من 2012 أشخاص وترك الكثيرين في العراء.
حيث ضرب الزلزال منطقة جبال الأطلس الكبير في وقت متأخر من مساء الجمعة وألحق أضراراً بمبانٍ تاريخية في مراكش، أقرب مدينة إلى مركز الزلزال، في حين سقط معظم الضحايا في المناطق الجبلية الواقعة إلى الجنوب.
وفاة 1305 أشخاص في المغرب بسبب الزلزال
في حين قالت وزارة الداخلية وفق ما نقل التلفزيون الرسمي المغربي، إن 2012 شخصاً قتلوا، وأصيب 2059 بينهم 1404 أشخاص في حالة حرجة، وذلك في الزلزال الذي حدَّدت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية قوته عند 6.8 درجة ومركزه على بعد نحو 72 كيلومتراً جنوب غربي مراكش.
وأضافت الوزارة "تم تسجيل 694 حالة وفاة بإقليم الحوز، و347 حالة بإقليم تارودانت، و191 حالة بإقليم شيشاوة، و39 حالة بإقليم ورزازات و14 حالة وفاة بعمالة (منطقة) مراكش".
وفي قرية أمزميز القريبة من مركز الزلزال، رفع عمال الإنقاذ الأنقاض بأيديهم العارية. وملأت الحجارة المتساقطة الشوارع الضيقة. وخارج أحد المستشفيات رقدت نحو 10 جثث مغطاة بالبطانيات، بينما وقف أقارب الضحايا على مقربة.
وقال ساكن يدعى محمد أزاو: "عندما شعرت بالأرض تهتز تحت قدمي وبالمنزل يميل، أسرعت لإخراج أطفالي. لكن جيراني لم يتمكنوا من ذلك". وأضاف: "للأسف لم يُعثر على أحد على قيد الحياة في تلك العائلة. تم العثور على الأب والابن ميتين ولا يزالون يبحثون عن الأم والابنة".
رجال الإنقاذ يبحثون عن الضحايا تحت الأنقاض
وقف رجال الإنقاذ فوق أنقاض منزل في أمزميز بينما برزت قطع السجاد والأثاث من فجوات بين الأرضيات الخرسانية المنهارة.
وتشكل صف طويل من السكان خارج المتجر الوحيد المفتوح للحصول على الإمدادات. وسدت صخور متساقطة طريقاً يربط أمزميز بقرية مجاورة، مما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه فرق الإنقاذ.
وتضررت جميع المنازل تقريباً في منطقة أسني، التي تبعد نحو 40 كيلومتراً جنوبي مراكش، ويستعد القرويون لقضاء الليل في العراء. وقال قروي يدعى محمد أوعمو إن هناك نقصاً في إمدادات الغذاء بسبب انهيار أسطح المطابخ.
وقال منتصر إتري أحد سكان أسنى إن البحث جارٍ عن ناجين وأضاف: "جيراننا تحت الأنقاض ويعمل الأهالي جاهدين على إنقاذهم باستخدام الوسائل المتاحة في القرية".
الزلزال يؤثر على مساحات كبيرة
أثر الزلزال، الذي وقع حوالي الساعة الحادية عشرة مساء بالتوقيت المحلي (22:00 بتوقيت غرينتش)، على مساحة كبيرة في منطقة جبال الأطلس الكبير. وشعر سكان في مدينتي ولبة وجيان في إقليم الأندلس بجنوب إسبانيا بالهزات.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 300 ألف شخص تضرروا من الزلزال في مراكش والمناطق المحيطة بها.
وأظهرت مقاطع التقطتها كاميرات بالشوارع في مراكش اللحظة التي بدأت فيها الأرض تهتز، حين نظر رجال فجأة حولهم وهبوا من أماكنهم، بينما ركض آخرون للاحتماء في أحد الأزقة، ثم فروا بعد أن تساقط الغبار والحطام حولهم.
وفي مراكش حيث تأكد مقتل 13 شخصاً، أمضى السكان ليلتهم في العراء خائفين من العودة إلى منازلهم. وتدفق الجرحى إلى مراكش من المناطق المحيطة لتلقي العلاج.
سقوط مئذنة مسجد في مراكش
سقطت مئذنة مسجد في ساحة جامع الفنا، وهي قلب المدينة القديمة في مراكش المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي.
وقالت نجية العمراوي مديرة (المركز الوطني لتحاقن الدم) بالمغرب لرويترز إن الوضع تحت السيطرة على الصعيد الوطني و"قَدِم عدد كبير من المواطنين للتبرع بالدم".
وأضافت: "نحن ننظم عملية التبرع.. مدينة مراكش كان فيها ما يكفي من احتياطي الدم وبعثنا لهم أيضاً كميات من الرباط، نتمنى أن يحافظ المواطنون على تبرعاتهم".
وأظهرت لقطات بثها التلفزيون الرسمي من منطقة مولاي إبراهيم، التي تبعد نحو 40 كيلومتراً جنوبي مراكش، عشرات المنازل التي انهارت عند سفح جبل وسكان يحفرون قبوراً، بينما وقفت مجموعات من النساء في الشارع.
وأعلن الديوان الملكي في بيان صدر مساء السبت الحداد لثلاثة أيام، مضيفاً أنه سيتم تنكيس العلم الوطني في جميع أنحاء البلاد. وأضاف البيان أن القوات المسلحة المغربية ستنشر فرق إنقاذ لتزويد المناطق المتضررة بمياه الشرب النظيفة والإمدادات الغذائية والخيام والبطانيات.
وقال إن القيادة العليا للقوات المسلحة نشرت "وسائل بشرية ولوجستية مهمة، جوية وبرية، إضافة إلى وحدات تدخل متخصصة مكونة من فرق البحث والإنقاذ، ومستشفى طبي جراحي ميداني".
كما أعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أنه "ستقام بعد صلاة ظهر غد الأحد بجميع مساجد المملكة صلاة الغائب؛ وذلك ترحماً على أرواح شهداء الزلزال". وعرض التلفزيون المحلي صوراً لانتشار قوات للمساعدة في جهود الإنقاذ.
تناثر الحطام في شوارع مراكش
في مراكش، حيث تناثر الحطام في الشوارع، وصف السكان مشاهد مأساوية لفارين يبحثون عن ملاذ آمن.
وقال جوهري محمد أحد سكان المدينة القديمة: "ما زلت لا أستطيع النوم في المنزل بسبب الصدمة، وأيضاً لأن البلدة القديمة تتألف من منازل قديمة. إذا سقط أحدها فسيتسبب في انهيار غيره".
وعبرت حكومات حول العالم عن تضامنها، وعرضت المساعدة وأعلنت تركيا، التي تعرضت بدورها لزلزال قوي في فبراير/شباط أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص، أنها مستعدة لتقديم المساعدة.
وقالت الجزائر، التي قطعت علاقاتها مع المغرب العام الماضي، إنها ستفتح مجالها الجوي أمام الرحلات الإنسانية والطبية.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن الرئيس محمود عباس وجه رئيس الوزراء محمد إشتية بإرسال فرق إنقاذ وإغاثة للمشاركة في أعمال البحث والإنقاذ وتقديم المساعدة لضحايا الزلزال.
وقالت وزارة الخارجية إنها بدأت، عبر الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي (بيكا)، تجهيز فريق للتدخل والاستجابة العاجلة كما حدث مع زلزال تركيا وسوريا.
وعبر اليمن عن تعازيه للمغرب. وأكدت وزارة الخارجية في بيان صحفي "تضامن الجمهورية اليمنية مع المملكة المغربية في هذا المصاب الأليم".
ودعت سفارة اليمن في الرباط الجالية اليمنية للتعاون مع فرق الإغاثة المغربية والتبرع بالدم.
وقع الزلزال على عمق 18.5 كيلومتر، لذا فهو أكثر تدميراً من الزلازل التي تكون بالقوة نفسها، لكن مركزها يكون على مسافة أكثر عمقاً.
الزلزال الأسوأ في المغرب
هذا الزلزال هو الأسوأ من حيث عدد الضحايا في المغرب منذ 1960 عندما وقع زلزال وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 12 ألف شخص، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.
وقال محمد كاشاني، الأستاذ المساعد في الهندسة الإنشائية وهندسة الزلازل بجامعة ساوثهامبتون: "عادة ما تكون الزلازل السطحية أكثر تدميراً".
وقارن مشاهد ما بعد الزلزال بالصور التي التُقطت في تركيا في فبراير/شباط قائلاً: "المنطقة مليئة بالمباني القديمة والتاريخية المبنية بالأساس من الحجارة. وهياكل الخرسانة المسلحة المنهارة التي رأيتها، كانت إما قديمة أو دون المعايير المطلوبة".
ومن المقرر أن تستضيف مراكش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين مطلع أكتوبر/تشرين الأول.
وقال متحدث باسم صندوق النقد الدولي عند سؤاله عن الاجتماعات: "تركيزنا الوحيد في هذا الوقت هو على الشعب المغربي والسلطات التي تتعامل مع هذه المأساة".
انهيار منازل قديمة في مراكش
ذكر أحد سكان مراكش ويدعى إد واعزيز أن بعض المنازل في المدينة القديمة المزدحمة انهارت، ويعمل الناس جاهدين لرفع الأنقاض بأيديهم، بينما ينتظرون وصول المعدات الثقيلة.
وفي الرباط، على بعد حوالي 350 كيلومتراً شمالي إيغيل، وفي بلدة إمسوان الساحلية، على بعد حوالي 180 كيلومتراً غرباً، فرَّ السكان من منازلهم أيضاً خوفاً من حدوث زلزال أقوى.
وفي الدار البيضاء التي تبعد نحو 250 كيلومتراً إلى الشمال من إيغيل، كان الناس الذين أمضوا الليل في الشوارع خائفين للغاية من العودة إلى منازلهم. وقال ساكن يدعى محمد تقافي: "المنزل اهتز بشدة وكان الجميع خائفين".