ما لم ينشر عن الشهيد أمجد السكري..منفذ "عملية VIP"

عملية في آي بي

سماح عرار
(خاص) زمن برس، فلسطين:
9 أيامٍ مضت، وأطفال الشرطي الشهيد "أمجد سكري" منفذ عملية بيت ايل، يستيقضون كل صباح، يؤدون التحيّة بكل شموخ ويبعثون قبلاتهم لصورة والدهم المعلقة على جدران المنزل.
الشهامة وحب عمل الخير، والأصالة، وبرّ الوالدين، والإخلاص من طبعه، وهو المحبوب الذي لا يبارزه أحد على التقاط حب الناس واحترامهم وتقديرهم لخلقه وأخلاقه ووجهه البشوش.

خرج من منزله باكرًا متوجهًا إلى عمله، وفي الطريق من قرية جماعين حيث يقطن، وبمقربة من محطة المحروقات في البلدة، ألقى التحية لأخيه الذي يعمل فيها، وذهب."لم يشعرني بأنه على موعد مع الرحيل الأبدي.." هذا ما قاله مجدي سكري الأخ الأصغر والأقرب إلى الشهيد.

وتابع:"دائما يخرح من المنزل باكرًا متوجهًا إلى رام الله حيث يعمل مرافقًا شخصيًا لمدعي عام رام الله ولا يعود إلى المنزل إلّا بانتهاء عمله عند الساعة الرابعة".

وعن ذاكرة جمعتهم سويًا قبل رحيل "أمجد" بأسبوع قال "مجدي" بصوت ثقيل:  أسكن بجانب منزل شقيقي أمجد وكان هو يعد "كانون النار" ويحرص دائمًا في كل شتاء على أن لا يتعب أحداً به، فيعده ويندهني وأطفالي كي نتشارك معه الدفء وكأساً من الشاي.

شرطي برتبة "شهيد"!

أمجد السكري "أبو جهاد" (34 عامًا) من قرية جماعين جنوب غرب نابلس، رقيب أول في الشرطة الفلسطينية وبعمل مرافقًا شخصيًا لمدعي عام رام الله "أحمد حنون"، وهو أخ لـِ 4 شبان و4 فتيات، وأب لـِ 4 أطفال وهم (جهاد، وزياد، وعدنان وزيد) أكبرهم تسعة أعوام وأصغرهم 4 شهور.

رحل السكري إلى مثواه الأخير تاركًا خلفه عائلة وأصدقاء كثر، وترك فلذات كبده يشقون طريقهم بعيدًا عن حضن والدهم الذي لن يمليه أحد، رحل قبل أن ينطق طفله الرضيع كلمته الأولى والأحب "بابا"!

وعن علاقة الشهيد أمجد بوالديه وأطفاله، قال شقيقه مجدي:"إن علاقة الشهيد بأهلي مميزة جدًا من دون إخوتي، وكذلك علاقته مع أطفاله علاقة صداقة ومتينة، وعند استشهاده، خفت أن يحصل لهما مكروه لشدّة تعلقهما به، ولكن الله يبلي العبد ويزرع الصبر في قلبه.. الحمد لله على كل شي".

صديق "شهيد".. ذاكرة لن توصد!

استشهاد "أمجد السكري" لم يؤلم  عائلته فحسب، وإنما آلم الكثير من الأصدقاء والأحبة الذين شاركهم سنين مضت في مرحلة الدراسة المتوسطة التي عاشها، ولعل أبرزهم كان ابن بلدته "أحمد إبراهيم" فقد كان صديقه المقرب.

يقول أحمد إن ذكرياتهما معاً كانت دائماً جميلة لحب أمجد للحياة لكن لم يستطع الفرح أن يوصد باب الحزن الذي شعرا به سويًا في مرحلة الثانوية العامة عام 2000 حيث لم يتمكنا من الحصول على علامة النجاح..

وتابع قائلاً:" صديقي أمجد كان حلمه أن يتعلم بالجامعة إدارة الأعمال، ولكن لعدم اجتيازنا امتحان الثانوية العامة، قرر أن يلتحق بالشرطة، وتم قبوله، وكان سعيدًا يومها عندما أخبرني".

"لم يكن صديقي فحسب بل كان مثل أخي، نتعامل مع بعض بحب واحترام ولا يوجد شيء مقسوم بينا غير المحرم، جمعتنا الكثير من الذكريات التي أعتبر معظمها جميلة" هكذا وصف أحمد علاقته بالشهيد أمجد، وأضاف:" كان مخلصاً في عمله ومحباً للناس ومساعدتهم ولا يبخل عنهم بشيء".

وعن اللحظات الأخيرة التي جمعتهما، قال أحمد إن صديقه الشهيد لم يشعره بشيء، فقد كاناً معاً قبل يومٍ واحد من تنفيذ العملية، وكان أمجد طبيعياً ككل يوم، وكان أيضاً ممعتظاً لعدم هطول الثلج، حيث كانت فلسطين تحت تأثير منخفضٍ قطبي، كما روى أحمد.

عملية تقلق الاحتلال

الشهيد أمجد هو رجل الأمن الفلسطيني الثاني الذي يبادر لتنفيذ هجوم إطلاق نار باستخدم سلاح حكومي بشكل منفرد، وفقاً للمصادر العبرية، وترى إسرائيل في الهجوم عملاً فردياً ولكنها تخشى أن يتحول الأمر لظاهرة، وهذه الحادثة أعادت كابوس انخراط الالاف من رجال الأمن الفلسطينيين ونشطاء تنظيم فتح في العمل المسلح إلى مخيلة قادة إسرائيل، كما جاء على لسان كبار المعلقين العسكريين الإسرائيليين، وفقاً لما صرّح به خبير الشؤون الإسرائيلية أنس أبو عقوب.

وقال أبو عرقوب لزمن برس:" هجوم بيت ايل اعتبره المعلقون العسكريون الإسرائيليون دليلاً كبيراً على أن السلطة الفلسطينية فقدت تأثيرها وقدرتها على إقناع عناصرها وأن تنفيذ الهجمات ضدّ أهداف إسرائيلية أمر ضار بمصالح الشعب الفلسطني. وهجوم بيت ايل هو الهجوم الثاني بحسب جيش الاحتلال الذي ينفذه رجل أمن فلسطيني ولذلك تعاظمت المخاوف لدى جيش الاحتلال بعده من احتمال قيام عناصر من تنظيم فتح أو الأجهزة الأمنية بتنفيذ عمليات ضدّ أهداف إسرائيلية.

حرره: 
م.م