قتل الطفل إرهاب يهودي

مقال

بقلم:عاموس هرئيل وحاييم لفنسون

المسؤول عن قتل الطفل علي دوابشة هم نشطاء يمين متطرف ويتصلون بتلك المجموعة الايديولوجية التي نفذت عدد من جرائم الكراهية في الفترة الاخيرة. هذه هي التقديرات في جهاز الامن حول احراق بيت عائلة دوابشة في قرية دوما في يوم الجمعة الماضي. وقد أصيب في الحريق والدي الطفل وشقيقه الذي يبلغ اربع سنوات باصابة بليغة.
النواة الصلبة لهذه المجموعة تشمل عشرات من النشطاء، مركز نشاطهم في البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية وهم يتحركون داخل البلاد وداخل الخط الاخضر ايضا. بخلاف الماضي، فان ما هو معروف اليوم هو أن النشطاء لا يبحثون عن تحقيق الفائدة مثل ردع الحكومة وقوات الامن عن اخلاء البيوت والبؤر الاستيطانية. فلديهم أفكار طموحة اكثر، أولها ضعضعة الاستقرار في الدولة من اجل التسبب بانقلاب في السلطة واقامة نظام جديد في اسرائيل، على أساس الشريعة اليهودية. إنهم يستخدمون العنف بشكل ممنهج ومتواصل بدون أي صلة بسلوك الشرطة في المناطق.
التحول الايديولوجي عند من كانوا يسمون «شارة الثمن» أو «شباب التلال» اكتشفه «الشباك» والشرطة في نهاية 2014. والنشطاء توصلوا إلى استنتاج أن احراق المساجد قد استنفد وأنه يجب الذهاب إلى خطوة أوسع. بعض الافكار جاءت في وثيقة صادرها المحققون عند موشيه اورباخ، وهو شاب حريدي من بني براك تم تقديم لائحة اتهام ضده في الاسبوع الماضي في قضية احراق كنيسة «الخبز والسمك» على شاطيء طبرية.
اورباخ (24 سنة) قام بكتابة وثيقة عنوانها «مملكة الشر»، وهي تضم الأسس الفكرية لتصعيد الهجوم ضد المواقع الدينية وضد العرب، وتقدم اقتراحات عملية حول كيفية التملص من المطاردة والتحقيق.
افكار مشابهة حول الحاجة إلى زيادة الاجراءات ضد العرب والدولة عكسها نشيط اليمين المتطرف، مئير إتنغر، في مقال نشر في موقع الانترنت «الصوت اليهودي». اتنغر (23 سنة) من سكان البؤرة الاستيطانية جفعات رونين في شمال السامرة، وهو أحد أحفاد الحاخام مئير كهانا. في بداية السنة الحالية طلب «الشباك» اصدار أمر اعتقال اداري ضده، لكن نائب الدولة شاي نتسان رفض الطلب. وفي نهاية المطاف تم ابعاده عن الضفة الغربية وأصبح يسكن في صفد.
عمليات «شارة الثمن» الاولى حدثت في الضفة الغربية في 2008، حيث كانت العمليات في حينه انتقاما فوريا على اخلاء البؤر الاستيطانية. وكانت الاهداف التي هوجمت سيارات ومنازل في القرى الفلسطينية، دون القصد إلى الحاق الضرر الحقيقي بالأرواح.
في 2013 بدأ النشطاء يتسببون بضرر أكبر بالمساجد والكنائس في الضفة وفي داخل اسرائيل، ومحاولات أولية لالحاق الضرر بالعرب. عدد الحوادث التي اعتبرها «الشباك» عمليات إرهابية يهودية تراجع من 30 في 2011 إلى 17 في السنتين التاليتين والى 10 في 2014. وبالتوازي ازدادت خطورة العمليات، وقد اعتقلت الشرطة و»الشباك» مشبوهون منهم من قاموا باحراق المسجد في أم الفحم وتم تقديم لوائح اتهام ضدهم. وقد انتقل المتطرفون إلى اعمال اكثر سرية. حيث أصبح النشطاء يتعلمون بشكل جيد طرق التحقيق في الشرطة و"الشباك".
وفي السنة الاخيرة تبنى نشطاء اليمين المتطرف، الذين يسكنون في البؤر الاستيطانية والتلال في محيط رام الله، مسؤولية تهدئة الاوضاع بعد اعتقال عدد منهم. التقديرات تقول إن العمليات الاخيرة تقودها نواة مشكلة من عشرات النشطاء الذين هم في العشرينيات من اعمارهم. كثير من المشبوهين يتحركون بشكل مستمر بين الضفة الغربية واسرائيل ويغيرون باستمرار اماكن سكنهم.
التغيير الايديولوجي الذي تمت ملاحظته في العام الماضي منح اطارا فكريا آخر للهجوم ضد الفلسطينيين والمؤسسات الدينية. وحسب الاجهزة الامنية فان النشطاء يطرحون قناعات «فوضوية»، وهم يبررون العمليات العنيفة ويشمل ذلك الضرر الجسدي من اجل ضعضعة استقرار الدولة، والحاق الضرر بمؤسسات المجتمع والديمقراطية الاسرائيلية، واحداث ثورة تؤدي إلى نظام جديد تشبه مملكة تستند إلى الدين اليهودي.
بخلاف السابق، فان الذين قاموا بصياغة الايديولوجيا لا تربطهم أي صلة تقريبا بالحاخامات وهم لا يعتبرون أنفسهم بحاجة إلى العبارات الدينية لتبرير افعالهم. ويعتبرون الحاخامات الذين كانوا في السابق متطرفين، أقل تطرفا في الوقت الحالي. ويتحدثون عن أهمية الحصانة النفسية سواء في الافعال أو اثناء التحقيق ويرفضون بشدة كل محاولة لفرض سلطة خارجية عليهم.
تغيير مقلق آخر هو أن النشطاء يبررون قتل العرب عند استهداف المنازل والاماكن الدينية، وهم مستعدون للتضحية بحياتهم وتحمل العقاب الشديد من اجل تحقيق أهدافهم. بعضهم بدأ بجمع الاموال في حال تم اعتقاله لفترة طويلة. على هذه الخلفية تم احراق بيت فلسطيني بالقرب من قرية دورا جنوب جبل الخليل قبل نصف سنة (أبناء العائلة نجحوا في الهرب)، وتم احراق مبنى آخر في محيط كنيسة دورني تسيون في القدس وكنيسة في طبرية. في اغلبية الحالات ظهر أن الحارقين عرفوا أن هناك أشخاص في المكان (بخلاف احراق المساجد الذي تم في الليل حيث لم يكن أحد فيها).
في الوثائق والاحاديث المختلفة يتحدث النشطاء عن ضرورة ايجاد حالة من الفوضى في الدولة بواسطة تصعيد الاحتكاك في الاماكن التي تعتبر نقطة ضعف. التنظيم اليهودي الإرهابي اهتم بعمليات اطلاق النار ضد الفلسطينيين في الشوارع. والإرهابيون اليهود الجدد يبحثون عن أهداف اخرى مثل «احراق صفائح البنزين» والاضرار بالحرم وانهاء العمل الغريب وطرد غير اليهود ومنهم عرب اسرائيل والبدو والدروز. النشطاء يتحدثون ايضا عن الحاجة إلى التحريض ضد السلطة الاسرائيلية وفرض الدين على الجمهور، مع التشديد على ملابس النساء. العمليات الهجومية تتم حسب ايديولوجيا شاملة، لكن يبدو أن من ينفذون العمليات نفسها هم خلايا صغيرة منفصلة عن بعضها ولا تحتاج إلى تسلسل هرمي. وعلى رأس كل خلية يقف نشيط قديم يقوم باستقطاب عدد من الشباب حوله. هذه الخلايا لا تعمل على التنسيق فيما بينها. إن التصريحات الحكومية حول ضرورة العمل بشكل أكبر ضد المخربين اليهود لا تعمل على ردع هؤلاء النشطاء
الاغلبية الساحقة من هذه المجموعة معروفة لـ «الشباك» والشرطة، وقد تم جمع المعلومات عنهم في السنة الاخيرة. الصعوبة الاساسية تكمن في الانتقال من الاستخبارات إلى الأدلة القانونية. في معظم الحالات يتم ارشاد النشطاء مسبقا حول حق الصمت في التحقيق، وعدم ترك بصمات تكشف هويتهم. في اطار النقاشات أمس في المستوى السياسي والقضائي، أوصى رئيس «الشباك» يورام كوهين بتشديد العقوبات والاجراءات ضد المشبوهين بتنفيذ الاعمال الإرهابية اليهودية. وقد اشتكى «الشباك» من عقوبة المحاكم المخففة ولا سيما عدم استخدام وسائل فرض القانون ضد المشبوهين بتنفيذ الإرهاب والذين أخلوا بقرار ابعادهم عن الضفة. انضم «الشباك» إلى موقف وزير الدفاع موشيه يعلون حول حق استخدام الاعتقالات الادارية ضد المخربين اليهود.

هآرتس 

 

حرره: 
م.م