هدمت اسرائيل بيته : طالب جامعي شرق خان يونس يعيش في "كوخ"

طالب جامعي

سعيد قديح

(خاص) زمن برس، فلسطين: يقّلب « أحمد أبو ريدة » صفحات المادة الجامعية التي اقترب اختبارها النصفي، يدّون ملاحظاتٍ قصيرة بالحبر على الورق، ويستكمل حديثه مع جدته « صفاء » غير أن هذا الحديث ليس عن أحلامه، ولا عن أمور دراسته. يأخذ مستحضِرًا تفاصيل الحرب الأخيرة على بلدته المنكوبة « خزاعة » شرق خان يونس، وتدمير الجيش الاسرائيلي لمنزله كاملًا، ما اضطر عائلته للعيش في منزل جدتهم الضيقُ المساحة. كل هذا الحديث يجري في مكانٍ أشبه بالكوخ، غير صحي أبدًا.

تدمير اسرائيل لمنزل عائلة « أحمد » ذو الـ 18 عامًا أسكن داخله جرحًا كبيرًا، كان بمثابة وطنٍ صغيرٍ يرسم أحلامه داخله منذ الصَّغر، جهّز غرفته بعد اتمامه امتحانات الثانوية العامة لاستقبال الموسم الجامعي، غير أن أحلامه لم تشفع له، فكانت جرافات جيش الاحتلال حاضرةً تقتلع البيت والأحلام والتفاصيل الصغيرة داخله التي كانت تعني لأحمد الكثير فيه.

اليوم « أحمد » ونظرًا لأن مساحة بيت الجدة لا تستوعب جميع أفراد عائلته وهو أكبرهم، يركن نفسه مع كتبه الجامعية وأقلامه وحقيبته وسريره في هذا المكان الذي تعلوه بعض ألواح الكرميد والزينكو، وتغطيه أقمشةٌ مُتسخّة. يستلقي في الليل على سريره، قد تأخذه غفوةٌ سريعة مفاجئة لنومٍ يرتاح معه هذا البال المتعب أو يبقى متأملًا في حال وحال دنياه.

يشير بأصابعه لسقف المكان قائلًا لمراسل زمن برس:" هذا السقف لا يحميني من مياه المطر أبدًا، ضربتْ قبل فترة قصيرة عاصفةٌ رعدية ماطرة البلدة، وتدفق المطر وكدنا نغرق، وبيت الجدة لا يفعل الكثير لأفراد عائلتي كونه هو الآخر ضيقٌ وبعض جدرانه متشققة ويسمح بتسرب مياه الشتاء".

تقاطعنا جدته الستينية « صفاء » قائلةً:" ليأتي هذا العالم وينظر بنفسه إلى حالنا، ويقيّم مع مَن الحق على هذه الأرض، لقد دمروا القرية، وأبادوا أحلام الصغار والكبار، ومن حق أحمد أن يعيش حياةً كريمةً في شبابه هذا، ويشعر بالفعل أنه انسان كما غيره".

يُكمِل أحمد والأسى في عينيه:" في الليل تزداد حدة البرد، أنتقل لبيت الجدة ولكنه البردُ أيضًا، أشتاق لبيتي، للدفء كثيرًا هناك، وليالي السهر الذي لا يعكّر صفوها شيء". ينهمك في تسجيل ملاحظاتٍ جديدة على الورق، وهو المتحمسُ دومًا للحياة، يبتسم ويضيف قائلًا:" ومع هذا كله رح نتحمل، ونكمل حياتنا برغم الوجع والمعاناة، ونوفي دراستنا، لعله وعسى يصير الحال أفضل، ويتغير الوضع، ويحل العدل".

يجلس بقربه والده ( 44 عامًا ) يتحدث إلينا عن الحال هنا واصفاه اياه بالكارثة قائلًا:" لا أحد يهتم، الجميع هنا يعيش ظرفًا صعبًا، البيوت آيلة للسقوط في أي لحظة، أتمنى من الجميع النظر لحالنا، وعدم تركنا وحدنا نعاني هنا - معزولين عن هذا العالم، حيث الكهرباء غير المنتظمة، والمياه غير الصحية، والاتصالات المقطوعة".

ويتابع قائلًا:" الحرب دمرّت كل شيء؛ منعتنا من بناء أحلام أولادنا كما يجب، وكما ترى فهي تُجبِر أحمد على تدبير أموره في هذا الكوخ الصغير، الذي لا يكفي لأن يمارس حياته بحرية وأريحية".

يعود « أحمد » ويختم قائلًا:" نأمل دائمًا الأفضل، وقصتي هذه ليست الوحيدة، هناك الكثير من أقراني يعيشونها في هذه البلدة حيث سلبت اسرائيل أحلامهم وجرحتهم، وأتمنى ممن يقرأها أن ينشرها ليفضح ممارسات اسرائيل وانتهاكاتهم ضد الانسانية".

حرره: 
م.م