بالصور .. مشردون في طي النسيان بغزة

سعيد كمال

( خاص ) زمن برس، فلسطين: في الليل تحديدًا، قبل ست سنوات، لم يكن أمام ماجد أبو حجاج ( 47 عامًا )  خيارٌ سوى الخروج بعائلته وأمتعته إلى العراء في منطقة النمساوي غرب خان يونس جنوب قطاع غزة، بعد أن ضاقت به سبلُ العيش وشُح ما في اليد، ليفترش الأرض وباقي أفراد عائلته، ومن ذلك الحين وهم يعيشون وضعَ المشردين، لا حول لهم ولا قوة.

الأرضُ الحكومية - غير المشروع الاقامة عليها، كانت المكان الوحيد المتاح لإقامة العائلة التي سارعت لعقد سقف من الأقمشة والبلاستيك على قوائم من الخشب والحجارة الرديئة، تتقوى بها قدر الامكان من حرارة الشمس، وبرد الشتاء.

تجولنا بين جنبات المكان، حيث سقيفة البلاستيك التي ينام تحتها جميع أفراد العائلة في وضع غير صحي أبدًا، والجانب الذي تعتبره العائلة مطبخًا فيه من الكثير من العلامات تحكي الصعوبة التي تواجهها العائلة حتى في إعداد وجبة طعام خفيفة عدا عن دورة المياه التي تفتقر أساسًا إلى الماء، والبيت كله إلى الكهرباء.

يسند ظهره إلى الخلف قائلًا لزمن برس:" أريد أن يكون هناك معنى لحياة أولادي وبناتي، لا في حياة المشردين هذه". مضيفًا:" قبل فترة سقط ابني حسن مريضًا، استدعى ذلك نقلي له إلى المشفى، لم أجد سيارة ولا عربة حمار صالحة لنقله، فنقلته مشيًا إليها، وبعملية جراحية تم تركيب أنبوب له، لتصفية مياه الدماغ عبر البطن، كونه يعاني من استسقاء الدماغ".

ويتابع قائلًا:" أعاني أنا الآخر من مشكلة نفسية كبيرة، ففي كثير من الأحيان قد أضطر إلى الصراخ دونما شعور، أو العصبية المفرطة وافتعال مشكلات دون أي سبب، هذا ما تقوله زوجتي على الدوام"، ويختم بالقول:" أنا يائسٌ جدًا، إلى أبعد حد".

أسماء، الكبرى بين اخوتها، تحتضن بين ذراعيها دمية تتخذ شكل العروس تقول لزمن برس:" القليلُ فقط يمكنه أن يُغيّر وضعنا نحو الأفضل، وأعرف أن الذي يحدث لنا يحدث لكثيرين حولنا، لكن أن نبقى متروكين هكذا بلا أي اهتمام، هذا يشعرني بالتعاسة على الدوام". وتكمل بالقول:" استملت شهادتي للصف الخامس قبل يومين، نعم نجحت، فرحت لبعض الوقت في طريقي للبيت، كون أن الأمر سيفرح أبي، لكن لا أعرف لمَّ كان تعيسًا هكذا، كان غائبًا، ربما لأنه لم يجد شيئًا ليكافئني". تختم بالقول:" ربما ".

وكون العائلة تقيم على أرض حكومية، فإن هذا يضعهم في حالة من الخوف والتوجس طوال الوقت من أن تقوم الحكومة بإبعادهم دون أن تجد لهم حلولًا، كما حدث مع عائلات أخرى قريبة من المكان وفق قول العائلة.

تتنقل مها ( 40 عامًا ) - والدة أسماء بين خراب المكان، تبحث عن قِدر، لعلها تكون قد نست فيها شيئًا من الماء تضطر العائلة لجلبه من الجيران أو أنابيب التحلية القريبة، ولا تجده، قائلةً:" كما ترى، الوضع لا يطاق، أغلب مراكز المؤسسات بغزة تعرف وضعنا، طرقنا بابهم أكثر من مرة، الوعود كثيرة، وللأسف كأن شيء لم يحدث، نحتاج منزلًا يستطيع أطفالي مع العيش تحت سقفه أن يبنوا أحلامًا كما غيرهم".

حرره: 
م.م