السكوت المدوّي لحسن نصر الله

في خطابه أمس تجاهل السيد حسن نصر الله تماما الغارة الإسرائلية على سوريا، والرد بالصواريخ عليها. بل إنه أبلغ الصحفيين بعد أنهى القسم السياسي من خطابه أنه يمكنهم المغادرة. أي أنه أبلغهم أنه لن يقول شيئا في خطابه عن الحادثة، هم الذين جاءوا من أجل أن يسمعوا ما سيقوله عنها.
وقد بدا لي أن سكوته عن الغارة هو في الحقيقة (إعلان) عن أن لحزب الله دورا فيها. أو أن الرد عليها كان من صنع حزب الله ذاته. وكان نصر الله قد أخبرنا في إحدى خطاباته السابقة أنه سيكون هناك رد على الاعتداءات الإسرائيلية على حزب الله وكوادره بغض النظر عن مكان حصول الاعتداءات. ويبدو أن الرد بالصواريخ على الغارة الإسرائيلية كان تنفيذا لهذا التهديد: أي الرد من سوريا، أو من الحدود السورية، على الاعتداءات الإسرائيلية داخل سوريا.
وهذا يعني، إن صحت افتراضاتي، أن معادلة جديدة تماما قد خلقت أول أمس. وهي تقوم على:
أولا: الرد في سوريا على الاعتداءات على حزب الله في سوريا.
ثانيا: الرد بالمضادات الجوية على الطيران الإسرائيلي، وليس عبر التسلل من منطقة شبعا اللبنانية المحتلة وزرع الألغام. وهو ما يعني أن الرد سيكون واضحا وبلا مواربة، مع أنه لن يتم الإعلان عنه مؤقتا على الأقل.
هذا يعني أن حزب الله يمتلك الآن دفاعات جوية فعالة سواء داخل سوريا أو على الحدود السورية اللبنانية، وعلى هذه الحدود أغلب الظن.
هذه هي المعادلة التي نشأت أول أمس. وعلى إسرائيل أن تستسلم لحدود هذه المعادلة أو أن ترد عليها.
يؤيد ما أقدمه هنا من فرضيات أن ثمة أخبارا تقول أن الصواريخ المضادة للطائرات أنطلقت من منطقة حمص، أي قريبا من الحدود اللبنانية الشمالية- الشرقية.
إذن، فسكوت حسن نصر الله أعلان مدو عن مسؤوليته عن الرد.
بالطبع، لا يمكن لهذا أن يكون قد جرى من دون موافقة سوريا، وبالتسيق معها.
وكنت أمس قد حاولت تفسير ما جرى بربطه بروسيا، مفترضا أن روسيا سمحت للصواريخ السورية أن تنطلق لأنها شعرت أن الغارة الإسرائيلية اختبار لها. لكن يبدو أن الأمور ليست كذلك، أو قل أن الأمور أعقد من ذلك. فقد استبعد هذا الفرض حزب الله، الذي يبدو أنه كان في مركز الحدث.