انتصاراتنا الوهمية وانهزاماتنا الداخلية!

بقلم: 

كيف يمكن ان نصف وضعنا الحالي الذي لا يزال يرمي بانعكاساته على حالنا ليدحضنا بانهزام وراء انهزام . هزيمة ضمن هزائم مستمرة ، نعلن فيها الانتصار على اخر وهمي لا يشكل الا انعكاسا لنا .

داعش وحربنا الضروس ضدها …
حرب لا نعرف كيف بدأت ولما اعلننا شنها . داعش كيف ظهرت ومتى اصبحت بكل هذه القوة . من صنعها ؟ الموساد، امريكا، ام نحن؟
حرب الله المستمرة ..
نعلن حروب ونشن عدوان ونقتل ونسفك دماء تحت اسم الله ..ثم ندعي الكفر لغير المسلمين . ونصبح فجأه دواعش سواء كنا بحزبهم او الحزب الاخر … كلنا بنفس الدجة من الاجرام الجبان .

داعش بكل قباحتها لا تشكل الا انعكاسا لصورتنا الحقيقية ..
سواء كانت داعش تنظيما دسه الغرب بيننا ، او كان امتدادا لحركات اسلامية متعصبه ، فنموها ووجودها اليوم هو نتيجة حتمية لحقيقة واحدة فقط … بان هناك خلل فينا ..

فانقسامنا ما بين داعش وضده يؤكد على الخلل الكامن فينا .
من جملة المساخر التي حدثت اثر حرق الطيار الاردني حيا ، كان دفاع مناصروا داعش وهاجموها على اثبات وتكذيب الفيديو.
فلم نعد نعرف من مع من وضد من ؟ اذا ما كانت داعش هي من انتجت هذا الفيديو وبثته ، فلما يكذبه مناصروها ؟ واذا ما كان الفيديو حقيقة او تلفيقا ما الذي يريد اثباته اعداؤها؟

وكعادتنا ، نصنع انتصارات وهمية … وفملك الأردن فجأة صار الناصر الأكبر ، ورأينا هجوما جويا كاسحا قد مضاجع داعش . فلما كان كل هذا الانتظار ؟ ولمااذا لم نسأل لما لم تفعل الاردن شيئا قبل ذلك ؟ كلنا نعيش حالة ردود افعال متعطشين لدماء الغير منا .
لما تسارعنا جميعا بين مناصر وعدو لداعش ، ولم نتسارع جميعا ضد عدوان اسرائيل على غزة وحرق ابو خضير . انحتاج دائما ان نتفق فقط على انفسنا ؟ ايتحد العرب فقط عندما يكون عدوه هو اخاه ؟

ولا اقول ان داعش اخي .. الا ان من يدافع اليوم عن داعش قد يكون اخي . وهكذا وبدون سابق انذار اصبحت داعش داخل كياني مسلمه او كعربية .
داعش ليست غريبة عنا .. بل هي جزء من ثقافة وتربية كبرنا عليها وتعاظمت ونمت بداخلنا حتى اصبحت قرينتنا .
وستستمر بالنضوج حتى تخرج من كياناتنا الدفينة وتستوطن في عقر بيوتنا . فنحن أمة مع الأسف لا نرى ما بداخلنا حتى يخرج الينا كالمرض الخبيث. نرفض المراجهة الحقيقية لأعماقنا وننتهي دائما بأمراض سقيمة ترمينها الى ان تنهينا.

ذلك السباق فيما بيننا ..بين من مع ومن ضد . انقسامنا الى احزاب وتنظيمات تستمر في تقسيمها كالسكين الذي يقسم فيه اللحم على الجسد ويرميه قطعا حتي يصبح ما تبقى منه صالحا لكلاب السكك فقط.
هناك شيء يحدث فيما بيننا كأمة ، بشع ببشاعة داعش ، علينا الاستيقاظ منه .
علينا الوقوف امام انفسنا وننظر بحزم وجدية الى ذلك الوجه الداعشي فينا . فانقسامنا مريب . وعداؤنا لبعضنا الاخر قبيح .وتوحدنا فيما بيننا على بعضنا الاخر من اسوأ شيمنا .

عويلنا على مشهد القتل والحرق بينما نستمر بمشاهدته وكأننا نروي ظمأ ما قابع بداخلنا نحو عنف دفين . وهتافنا لمقتل الاخر وتشفينا فيه وتسارعنا في صناعة بطولات ورقية وهمية لمقاتل ومحارب ومحرر جديد لا يبشر الا بالمزيد من الانحدار نحو ذواتنا المنهزمة.

اعرف ان كلامي بعباراته الصارخة الحائرة التائهة لا يجلب هدوءا ولا يقترح حلولا . الا ان هناك ما يجب ان نقوم به افرادا وجماعات . يجب ان ننظر الى انفسنا ونتخذ قرارا بالنظر الحقيقي الثاقب الى داخلنا . يجب علينا ان نخلع كل تلك الاقنعه التي نرتديها حتي نسينا اشكالنا الحقيقية وتاعت به هويتنا ونفوسنا تلبدت وسط تراكم الاقنعه.

داعش ليست ظاهرة طارئة وستنتهي بغارة او عملية وبمزيد من القتل والتفجيرات .
داعش طريقة حياة عربية واسلامية بدأت منذ العصور الاولى للاسلام ومباشره بعد وفاة الرسول الكريم . فانتهى الكرم به وبدأ طمع العرب والمسلمين بعز لم يعرفوه وجاه لم يعيشوه وتسابقوا على ضحد كل ما يهددهم من قبائل واقارب حتى قد تنازعهم او تنافسهم بغنائمهم . علينا اليوم ان نقرأ التاريخ الاسلامي كما هو .بخيره وشره . بحسناته وسيئاته . بانتصاراته وهزائمه .

علينا اليوم ان ندرس الفضيلة التي تبدأ بالانسان وتنتهي به . ليست تلك الفضيلة التي تبدأ بمصالحنا واحتياجاتنا وتتنكر للاخر وتقصيه .
علينا اليوم ان نحرق كل تعاليم الماضي البنية على تكفير الاخر . فما دمنا ننشيئ ابناءنا على اقصاء الاخر ،وتفرد معشرنا بالجنه وان الاخر له النار ، فستستمر داعش فينا بالنضوج والعلو .

علينا ان ننظر الى انفسنا كما نحن . ونبدآ بحساب انفسنا قبل الكيل على الاخر منا باتهامات نرمي عليه فيها انهزاماتنا .
فما يجري بيننا وفينا معيب . مخزي لامة حملها الله القرآن كرسالة يقوم ابناؤها بتلويث الخالق والخلق بدلا من حمل الانسانية الى نور.
لقد حان الوقت ان نعيد قراءة ماضينا .
لقد حان الوقت ان نبدأ بعملية تأهيل لتربيتنا ومفاهيمنا الاخلاقية والبنيوية .
لقد حان الوقت لان نقف على مداخل التاريخ الحقيقي ونخرج من سراب تاريخ صنعه كبرياؤنا القبلي الهائج المارج .
لقد حان الوقت ان نكون بشرا نفكر ونحلم ونربي انفسنا على الخير الحقيقي الحق المبني على الانسانية اولا واخيرا .
هكذا فقط نتخلص من داعش!