إتلاف الشاحنات الإسرائيلية على المعابر

بقلم: 

على بال زمن*.. بقلم: صالح مشارقة

قبل يومين دعا زميلي فادي العاروري إلى فكرة ذكية لرفع درجة مقاطعة بضائع الاحتلال في المتاجر الفلسطينية، فكرة فادي تقوم على أن يتفضل اصحاب المتاجر بوضع كل البضاعة الاسرائيلية في زاوية حتى يتم إحراج الناس بعدم الذهاب نحوها لشرائها، فكرة ممتازة وعملية. ورغم سعادتي بفكرة فادي وكل النشطاء الشباب إلا أن المذابح في غزة تفرض نشاطا كفاحيا أعلى وأكثر يواجه الإسرائيليين ويؤلمهم.
هناك أفكار يجب أن تقال في هذه اللحظات التي نجمع أشلاء أولادنا وبناتنا من شوارع الشجاعية والقرارة وبني سهيلا، قلت في مقالة سابقة في زمن برس إننا بحاجة الى حرب استنزاف ضد المستوطنات، حرب طويلة ومتأنية تبدأ بقطع الكهرباء والماء والاتصالات الخليوية والأرضية عنهم، وهذا سهل وبامكان خلايا شبابية ملثمة وتاريخية أن تقوم به في منتهى الهدوء والبطولة.
لكن ماذا نفعل بهذا العار في متاجرنا وشركاتنا، كيف نخفي والى الأبد تجارة اليهود وبزنس الدم الذي يبعونه لنا ونحن كالخراف نأكل ونجتر مثل المعاتيه.
فكرة أن يشكل الشباب والصبايا خلايا ملثمة على مداخل المدن وتفتيش الشاحنات التجارية ستوقف عار استهلاكنا البشع، فكرة أن تنتظر الخلايا الشاحنات الاسرائيلية قرب المعابر التجارية في بيتونيا والجلمة وترقوميا وقلنديا وحوارة وانزال السائق واتلاف حمولة الشاحنة، بالحرق أو بإيلام الوكيل العربي المورد للبضاعة الاسرائيلية وتهديده بالذهاب إلى المخازن واتلافها أيضاً ممكن.
اين ذهبت الخلايا التاريخية المؤدبة والعصامية وغير المنفعلة التي كانت توصل الرسالة للتجار بأدب وخوف كبير وبفكر مقنع يجعل آلاف التجار الصغار يرفضون إنزال أي غذاء أو بضاعة إسرائيلية في متاجرهم.
وإتلاف البضائع يجب أن لا يتوقف على شاحنات الأغذية  والمشروبات الإسرائيلية، يجب أن يطال الإرساليات التجارية الأخرى مثل الكهربائيات والتكنولوجيا والملابس والأجهزة التصنيعية الثقيلة والاثاث وقطع السيارات، والاتلاف يجب أن يتم بحذر بحيث يكون في منطقة لا تحمل الخسائر للوكيل الفلسطيني.
ثم بصراحة هذه الفئة من الوكلاء والموردين معروف من هي، مجموعة شربت وأكلت من قوت الشعب وثقافته الوطنية من أجل ربح بشع سكت عنه الناس لأن الاقتصاديين الفلسطينيين لم يجربوا الثورية يوماً وظلوا يفسرون المعضلات بالسوق وثقافة السوق واتفاقية باريس، الى أن انحدر السوق الفلسطيني إلى أبشع حالاته، وصار جزءاً من الاحتلال وتجلياته المربحة له.
سيكون لهذه الأفكار ثمن، أعرف وكلنا نعرف الارتباك والغلاء الذي سيصير، والألاعيب التي سيقوم بعض التجار بها، لكن هذه اللحظة ستعيد وعياً بترته المرحلة السياسية، سيعود هذا الوعي الى كل فرد وكل أسرة وسيتراجع الاستهلاك وستكون بدائل كثيرة تقترحها الأسر، ويقترحها صغار المهنيين الفلسطينيين والتقنيين، والأهم من ذلك كله سنكسب العويل والانهيارات التي ستظهر عند الأمة اليهودية التي وصفها ماركس بأنها ولدت وجاءت إلى الدنيا على اعتبار أنها بورصة.
هناك بضائع أميركية أيضا بالإمكان مقاومتها وإتلافها.. رفوف المتاجر مليئة بــ"الشكولاطات" والعصائر والمشروبات الأميركية... لا تصدقوا أن الكوكاكولا تخدم الاقتصاد الوطني... هذه أكبر كذبة.
هناك وكالات ملابس وسيارات ووجبات سريعة أميركية بالإمكان وقف عملها وترحيلها.
أفكار كثيرة يطرحها الشباب والصبايا الآن.
يجب ملئ الشوارع الالتفافية بالمتاريس وتعطيل سفر الدوريات الاحتلالية والمستوطنين، أفكار الألغام المزيفة بالإمكان أن تربك عشرات فرق فحص المتفجرات في إسرائيل، إعلان يوم إضراب عام من كل أسبوع في كل الوطن وإعادة الشباب لحكم الشارع وتفريغ وقت الناس لاشعال الاطارات على الطرقات ستعطل الاسرائيليين، وتعيد ما تم تجريفه من الوجدان الوطني.
قطع الاتصالات الاسرائيلية سواء داخل الارض المحتلة عام 67 أو خلف الجدار ممكن، واتلاف أطباق سليكوم واورانج وخطوط بيزك التي للأسف ينتشر بعضها باتفاقات تجارية، داخل بعض المدن الفلسطينية وعلى كل تلال الضفة .. هذا ممكن ايضاً.
كم سائق شاحنة يخالف القانون ويفرغ الردم في الشوارع الداخلية، لماذا لا يتم تشجيع هؤلاء للذهاب الى الطرق الالتفافية.
لماذا لا يتم رمي أسلاك غير مكشوفة على كل طرقات المستوطنين.
تمزيق الاسلاك الشائكة التي تحمي المستوطنات تحتاج الى تسلل بسيط وربط السلك بحبل وتمزيقه عن بعد.
هناك مستوطنات بالامكان إغراقها لليلة كاملة بدخان الاطارات، حدث هذا ليلة اختطاف الجندي في غزة، مستوطنة بيت إيل شرق رام الله غمرتها أدخنة الإطارات لليلة كاملة، والريح ساعدت في ذلك.
أفكار أفكار أفكار... أعرف أن سردها يبدو ترفاً، وعلى الشاشة يقف طبيب من غزة يرفع جثة طفل ويحاول أن يقول للعالم وللتاريخ أن فاشية هائلة، فاشية يهودية لا ترتوي إلا بعد أن تشرب من دم أطفالنا ونسائنا، ويجب ان نوقف عطش هذا الوحش البربري بكل السبل. وبكل ما هو متاح، وان نستعد كلنا لدفع الثمن والتصعيد.

*مقال خاص بزمن برس