حرب استنزاف المستوطنات

بقلم: 

على بال زمن*.. بقلم: صالح مشارقة

نختلف الآن على كل شيء، نقترح انتفاضة ثالثة كرد فعل وليس كانتفاضة أخيرة للاستقلال، نختلف على الدورة البرامجية لتلفزيون فلسطين، وعلى شموع في مسيرات الضفة أم كلاشنات؟، تهدئة ترفع الحصار عن غزة أم تثبت تهدئة سابقة؟ منفعلون وحادون ولا فكرة إلى الامام.

ما العمل؟ .. حرب استنزاف وليس انتفاضة انفعال تنتهي بفلتان أمني، هذا خيار ممكن وليس مستحيلاً، خيار يمكن أن يبدأ العمل فيه من نقطة اقترحها نتنياهو في الكابينيت، يأمر فيها الوزراء والقانونيين ببحث خيار قطع الكهرباء والماء عن مليوني مواطن في غزة، من هنا بالامكان أن تبدأ ردة فعل الناس في الضفة بأن بقوموا بتفجير شبكات مياه المستوطنين، باسطوانة غاز صغيرة، بإمكان خلية لحركة فتح أن تقوم بذلك، بالإمكان تفجير خطوط شركة الكهرباء الاسرائيلية في جبال الضفة أو قطع الكوابل بطرق يعرفها أي فني كهرباء صغير.

أتذكر في هذه الأيام ورشة عصف فكري حدثت قبل عامين لتطوير المقاومة الشعبية، يومها أحسست ان دوافع كل الشباب ممتازة لكن لا أحد يريد فتح المواجهة الكاملة، وهم محقون الى درجة ما لكن على المدى البعيد التأني لا يخدم المثل الذي نعلمه لأطفالنا "في التأني السلامة وفي العجلة الندامة"، فإسرائيل تبني مستوطنة أسرع من البرق وتفتح شارعاً التفافياً أو توسع حياً استيطانياً بمجرد إرسال رسالة الكترونية من مجلس المستوطنات.

المستوطنون في الضفة الآن هم السادة، بإمكان ولد منهم إيقاف شارع كامل إو قتل أو اعتقال أي رجل فلسطيني، امرأة من مستوطنة بالخليل ضجرة في مطبخها بامكانها كب الزيت الساخن على أي خليلي يمر أسفل شباكها.

لم تعد خطة حسن أبو لبدة وسلام فياض عن متاجر خالية من البضائع الاسرائيلية تضحك أحدا، يجب اتلاف شاحنات البضائع بمجرد أن تخرج من معابر الارتباط في ترقوميا وبيتونيا والجلمة وفي كل المعابر، هكذا بكل تروي نكسر مصانع تنوفا وعيليت الإسرائيلية وحتى الشركات التي تنتج بضائع بالوكالة عن شركات عالمية، يجب وقف أكثر أنواع التجارة عنصرية وفاشية تلك التي تقدم لأطفال غزة البان دولة الاحتلال في شاحنة وفي شاحنة أخرى ترسل الشيكات والمبالغ المالية لجيش يصنع القنابل ليقتل فيها نفس الأطفال.

وداخليا يجب كسر أبواب المتاجر التي تعرض أي بضاعة إسرائيلية، وإن لم يعجبنا المنتج المحلي  نتعود على النقص. ألسنا شعبا في معركة حرية؟

لم ينسحب شارون بشكل أحادي الجانب من غزة إلا تحت متفجرات بدائية الصنع كانت تلقى على أسوار المستوطنات، عندما قطع أولاد وبنات غزة الشوارع أمام المستوطنين أخلى المحتلون المستوطنات، عندما كان درس البنت المستوطنة في دوغيت يكلف المحتلين تأمين سفرها لعشرين دقيقة بالميركافة والأباتشي خرجوا من غزة، خرجوا بشكل أحادي الجانب ولم يدفعوا ثمن استعمارهم للامم المتحدة، لكنهم خرجوا.

استنزاف المستوطنات في الضفة بالإمكان أن يتم باعتماد أيام محددة شهرياً لإغلاق كل الشوارع بالحجارة والمتاريس، إغلاق على المواطنين والمستوطنين، يجب البدء بهذا، قبل أن تتشكل الدولة اليهودية هنا في الضفة، ويصير لاسرائيل دولتين، واحدة في ال48 وواحدة في الـ 67. وتضطر السلطة أن تفاوض مجلس المستوطنات، وتصبح حكومة تل أبيب طرفا راعياً مثل أميركا حاليا.

يجب وقف حافلات طلابهم ومستوطنيهم في الشوارع بخدع الألعاب النارية كي يرتبكوا ويجب أن نكتب لهم بيانات بالعبرية: ارحلو .. عودا إلى تل أبيب، بدون ذلك سيعودون لوضع غاز البيض الفاسد في خزانات مدارس بناتنا كما فعلوا في الانتفاضة الأولى.

حدثت الهدنة أو لم تحدث في غزة، بالإمكان أن تبدأ حرب استنزاف المستوطنين، لمساعدة أية أفكار سياسية في الوصول إلى عتبات وقف الصراع.

يجب كسر كل لافتات الطرق التي تحمل أسماء المستوطنات ووضع لافتات فلسطينية، يجب وقف سرقة الاحتلال للاسم الفلسطيني، اشتموع بدل السموع وتكواع بدل تقوع وتفواح بدل تفوح يجب وقف هذه السرقة العنصرية بالعمل الشعبي.

فتح العملاقة بالإمكان أن تصنع المستحيل في هذا، بدل أن تنهك في الرد على الاتهامات، الجبهة الشعبية بالإمكان أن تعود للعمل بدل إدارة معارك القطب الطلابي، أبناء حماس والجهاد في الضفة بالإمكان أن يكونوا محميين من الشعب ومن القانون والعدالة الانسانية في هذا الاستنزاف لآخر احتلال عنصري على الارض.

نمزق الهويات المكتوبة بالعبرية بشكل جماعي كما حدث في الانتفاضة الاولى، نذهب إلى الحواجز ونقول أن مجهولين صادروا هوياتنا، نعتصم بالآلاف أمام معبر الكرامة ونقول: نريد تحرير المعبر من الختم الإسرائيلي ومن الضابط الإسرائيلي والأمن الإسرائيلي المحتل الذي يطمس كرامتنا ونحن خارجين ونحن عائدين.

نترك السلطة الوطنية تدير الخدمات ولا نحملها وزر الاحتلال، ونطلب منها عدم التدخل، ونركز على مناطق الريف الذي تحت السيادة الاسرائيلية، نعد في المدن ونعمل في الريف بتكليفات تنظيمية و‘دارة مالية ثورية.

سيصير لنا إعلاماً جديداً، وتعليماً جديداً، وثقافة تغادر المدينة إلى الريف للعمل الثوري الذي ستشارك فيه النساء مع الرجال، ونخفف العبء عن الاطفال المنتفضين لتقوم الفئات العمرية الكبيرة بالعمل، المجالس المحلية والقروية وتجمعات الأرياف لا تكتفي بالخطط الموصوفة من الوزارة بل تكبر القرى بالزراعة والمشاغل والمصانع الصغيرة، وتكسر المخططات الهيكلية للإدراة المدنية ونقدم ـنفسنا للحظات إنهاء الاحتلال.

أفكار كثيرة قد يضيفها العقل المنظم، وتنجح وتدير العجلة، وتكون الأفكار التي أطرحها في المقالة مجرد أفكار بسيطة.

*مقال خاص بزمن برس