بيان الرباعية شجع مجزرة نتنياهو الاستيطانية

بقلم: 

حيث أن الامور تقاس بنتائجها فان النتيجة الرئيسة لبيان الرباعية كان استفحال مجزرة الاستيطان التي يقودها نتنياهو في الاراضي المحتلة بعد أن شعر بالتشجيع من ذلك البيان.

أما النتيجة الاهم فهي أن الرباعية أثبتت مجددا عجزها عن أن تكون اطارا فاعلا لانهاء الاحتلال والصراع واحلال السلام.
وذلك لم يفاجئ من كانوا يعلمون أن اقصى ما يمكن تحقيقه من الاطار المسمى الرباعية ، هو أن تمتنع عن اصدار بيانها الذي صدر. و قد انطبق عليها القول المأثور " صمت دهرا و نطق كفرا".
و لسنا هنا في معرض تحليل كل نقاط بيان الرباعية فلم يعد ذلك ضروريا، و لكن لابد من الاشارة الى أخطر النقاط التي تضمنها من وجهة نظر الشعب الفلسطيني.
أولا..تبنى البيان الرواية الاسرائيلية كاطار عام ، و تبنى المصطلحات الاسرائيلية التي تحاول دوما وصم كل نضال فلسطيني حتى لو كان سلميا بصفة الارهاب و العنف و التحريض.
ثانيا.. ان البيان انحدر من مستوى المساواة بين الطرفين ، المحتل و الذي تحت الاحتلال، أي بين القامع و المقموع ، الى مستوى اخطر بتحميل الضحية  و الشعب الذي يعيش تحت الاحتلال و الحصار المسؤولية الاكبر عن استمرار الصراع، ووقع في فخ الاحابيل الاسرائيلية باتهام الفلسطينيين بالتحريض.
و ثالثا..فشل البيان في المطالبة ،ولو لمرة واحدة، بضرورة انهاء الاحتلال الذي دخل عامه الخمسين أو حتى مجرد الاشارة الى نظام التمييز العنصري الذي انشأه هذا الاحتلال.
و رابعا.. فشل البيان في المطالبة بشكل واضح بوقف الاستيطان و اختبئ للأسف خلف عبارة "سياسة الاستيطان المستمرة" مع أن العالم بأسره يعترف ليل نهار بأن الاستيطان يقضي على آخر امكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
و لكن الامر الاخطر على الاطلاق أن مضمون البيان يشير الى الجزء الاكبر من المناطق المحتلة كأنها أراضي متنازع عليها، و ليس كأراض محتلة يجب ازالة الاحتلال عنها. و كأن ما يسمى بمناطق (سي ) هي أراضي يجب تقاسمها بين المستوطنين والفلسطينيين ، و السماح للفلسطينيين ببعض التنمية فيها.
يحذر بيان الرباعية من خطر زوال حل الدولتين ، وبديله الوحيد حل الدولة الواحدة، الذي يتنبأ عن حق بأنه سيكون مصحوبا باحتلال دائم و صراع مستمر (دون امتلاك الجرأة لذكر أنه سيكون نظام أبارتهايد). غير أن البيان لبالغ الأسف لم يفعل سوى دق مزيد من المسامير في نعش حل الدولتين، وسيتحمل مسؤولية ذلك.
ليس غريبا أن يستباح الضعفاء في عصر لا يحترم الا القوة و لغة المصالح، و في وقت مازالت البدائية المتوحشة تخترق فيه سياسات الدول لتشوه ما حققته الانسانية من قيم حضارية.
غير ان الغريب أن يستمر بعض الناس في المراهنة على المفاوضات  والمبادرات السياسية دون ادراك أن ميزان القوى هو ما يحسم نتائجها و يحدد معالمها.
و ماجرى لبيان الرباعية قد يحدث للمقترحات الفرنسية أو لمشروع قرار في مجلس الامن ما لم نركز على الأمر الأساس.. استراتيجية بديلة تعالج نقاط ضعفنا ، و أهمها الانقسام، بل الانقسامات، الداخلية و تتبنى كل ما يمكن أن يغير ميزان القوى لصالحنا ولصالح نضالنا